القبو الغامض + الحلقة التلفزيونية


1

-(أبي، التقط).
أرسل (كاسي) طبقه الطائر إلى أبيه في الهواء. لم يهتم الأب.
قال له: (ليس اليوم يا (كاسي) فأنا مشغول).
قالها دكتور (بروير) ودخل البيت فجأة، تاركا باب المنزل يتأرجح خلفه.
وضع (كاسي) يده داخل شعره الذهبي وهمس: (ما هي المشكلة؟..)
قالها ونظر إلى أخته (مارجريت) التي شاهدت المشهد كله وهي تقف بجوار البيت.
اقتربت (مارجريت) من أخيها لتشاركه اللعب بطبقه الطائر، وافق (كاسي) على مضض وذهب لإحضار طبقه الملقى على الأرض.
اقتربت (مارجريت) وهي تشعر بالأسف لأخيها. لقد كان هو وأبوه على وفاق دائما. يلعبان الكرة والطبق الطائر معا. ولكن الدكتور (بروير) أصبح مشغولا، وليس لديه وقت.
عندما كانت (مارجريت) تلتقط الطبق أدركت أنها تشعر بالأسف لنفسها هي الأخرى. فأبوها لم يعد كما كان معها من قبل.
فهو يقضي معظم وقته في القبو. ولم يعد يقول لها أي كلمة. حتى كلمة (يا أميرتي) التي تعود أن يناديها بها. بالرغم من أنها لم تكن  تحب هذا الاسم.
مع ذلك كانت تشعر أنها قريبة من أبيها.
أرسلت (مارجريت) الطبق إرسالا سيئا فلم يستطع (كاسي) إمساكه. وسقط بعيدا عنه.
نظرت (مارجريت) إلى التلال الذهبية التي تقع خلف منزلهم.
وقالت: (ماذا حدث لكاليفورنيا؟!!)
فنحن في منتصف الشتاء ولا يوجد في السماء أي سحاب. وأنا وأخي نلبس (الجينز) و(التيشرتات) كأننا في منتصف الصيف!!
قالت (مارجريت) هذا وهي تحاول الإمساك بالطبق مرة أخرى لكنها لم تستطع..
فقالت لأخيها بحدة: (هل تريد أن ألعب معك أم لا؟!!) قذف (كاسي) الطبق الطائر في اتجاه الجراج. فاصطدم بالحائط وسقط وسط  الحشائش.
اتجه (كاسي) إلى أخته مسرعا وهو يقول: (أبي كان دائما يلعب معي لمدة أطول وكذلك كان يجيد قذف الطبق أفضل منك! ولكن أنت تقذفينه بضعف مثل باقي البنات).
كانت (مارجريت) تدرك أنهم جميعا أصبحوا عصبيين. وكان من السهل التعرف على السبب! بدأت (مارجريت) في التشاجر مع أخيهاقائلة له: (لا تتصرف كطفل! فرد عليها بأنها هي التي تتصرف كطفلة.
مرت لحظة صمت، ثم قالت: (إنها غلطة أبي).
فالأمور أصبحت سيئة منذ بدأ أبوها العمل في البيت. وبالذات داخل القبو مع نباتاته وماكيناته الغريبة. فهو بالكاد يصعد كي يشم بعض الهواء. وحتى لو فعل فلم يعد يلعب أو يقضي معهما دقيقتين!
لاحظت أمي هذا أيضا!!
وجود أبي في المنزل جعل أمي مشدودة الأعصاب دائما.
فهي تدعي أن كل شيء على ما يرام. ولكن أنا أعرف أنها قلقة على أبي.
في هذه اللحظة ناداها (كاسي) باسم (فاتسو). كانت تكره هذا الاسم. فلقد أطلق عليها الأسرة هذا الاسم لنحافتها الشديدة مثل أبيها.
وكانت طويلة أيضا مثله. لكنها ورثت شعر أمها البني مثل عينيها.
طلبت (مارجريت) من أخيها عدم مناداتها بهذا الاسم. وظلا يلعبان بالطبق دون أن ينطق أحدهما بأي كلمة.
أحست (مارجريت) بالحر وهي تمنع الشمس بيدها عن عينيها. فطلبت من أخيها أن يدخلا المنزل. فتسابقا. وفي طريقهما إلى الداخل سألها (كاسي) عن سبب فصل أبيها من العمل؟
توقفت (مارجريت) عن الجري فلقد كان السؤال مفاجئا. ولم تكن ناقشت هذا الموضوع مع أخيها من قبل.
سأل أخوها هذا السؤال ثم أكمل بأن أباهم قد جاء إلى هذه المنطقة خصيصا ليعمل في معمل الأبحاث. ردت (مارجريت) بصوت منخفض حتى لا يسمعهما أبوهما: (ولكنه فصل من العمل!!!)
-(ولكن لماذا أحرق المعمل؟)
تساءل (كاسي) وقد ضايقته فكرة حرق أبيه لهذا المعمل الكبير.
ردت (مارجريت): (ولكنه لم يحرق شيئا! الذين يعملون مع النباتاتلا يحرقون شيئا!)
قالها وضحكا سويّا.
-(أنا لست متأكدة مما حدث. ولكنني سمعت أبي يتكلم في التليفون وأظنه كان يتكلم مع السيد (مارتينيز) رئيسه في العمل. هل تتذكره؟! هذا الرجل الهادئ الذي تناول العشاء عندنا).
تساءل (كاسي): (وهل هذا الرجل هو الذي فصل أبي؟ من المحتمل. فلقد سمعت أنها أشياء تخص النباتات التي يزرعها أبي وبعض التجارب التي لم تتم بنجاح).
وأضاف: (ولكن أبي شديد الذكاء. فإذا كانت تجاربه فاشلة فقد كان في استطاعته إصلاحها!
قالت (مارجريت) لأخيها: (هذا كل ما تعرفه!)
وطلبت منه الدخول إلى المنزل فهي تحس بعطش شديد.
دخل الاثنان المنزل بعد سباق فاز به (كاسي). وعند دخولهما شاهدا أمهما تجلس وقد ظهر عليها التعب. فعيناها يبدو عليهما المرض. وشعرها قد دب فيه الشيب. صاحت الأم: (إنني أكره هذا العمل!). (ماذا تفعلين!)
سأل (كاسي) هذا السؤال، وهو يفتح الثلاجة لأخذ زجاجة من العصير.
ردت الأم بأنها تنظف الجمبري.
وفي هذه اللحظة سمعوا جرس التليفون. فجرت الأم ورفعت السماعة بيدها الملوثة بآثار الجمبري.
أخذت (مارجريت) هي الأخرى علبة من العصير واتجهت مع أخيها إلى الصالة. حيث كان باب القبو مغلقا جيدا خصوصا عندما يكون د (بروير) بداخله.
لكن الباب كان مفتوحا قليلا. اقترب (كاسي) لإغلاقه.
ولكنه توقف فجأة وقال لأخته: (هيا ننزل لنرى ماذا يصنع أبي في القبو).
شربت (مارجريت) آخر قطرة في علبة العصير وردت: (لنهبط إلى القبو).
كانت تدرك أنه لا يصح أن يزعجا والدهما. ولكن الفضول كان قد سيطر عليها تماما. فقد ظل الأب يعمل لمدة أربعة أسابيع متواصلة.
كانوا يرون كل أنواع الأجهزة والإضاءة والنباتات تنزل إلى القبو ويظل الأب يعمل على الأقل من 8 إلى 9 ساعات متواصلة في القبو. ومع هذا لم يطلعهم على ما يفعل ولو لمرة واحدة.
أقنع الصغيران نفسيهما بالهبوط. زاعمين أنه منزلهما كما أنه منزل أبيهما. وربما كان الأب ينتظر منهما قليلا من الاهتمام بما يفعل. أو ربما أحس بالضيق لعدم اهتمامهم بمعرفة ماذا يصنع.
فتحت (مارجريت) الباب عن آخره. ونزلا على السلم وأخذا يصيحان على أبيهما: (أبي هل نستطيع أن نرى ماذا تصنع؟!!)
كان في منتصف الطريق عندما ظهر الأب غريبا تحت الإضاءة الخضراء الموجودة في المكان. كان يمسك يده اليمنى وقطرات من الدماء تسيل على بالطو المعمل الأبيض.
صاح الأب: (ابتعدا عن القبو!!)
قالها بصوت لم يسمعاه منه من قبل.
تراجعا إلى الخلف وقد أخذتهما الدهشة لصوت أبيهم بهذه الصورة فقد كان دائم الهدوء في حديثه إليهما.
-(ابتعدا عن القبو!!)
أعاد الأب هذه الجملة مرة أخرى، وهو يحمل يده التي تنزف دما.
لا تهبطا هنا مرة أخرى. أنا أحذركما.




2

-(كل شيء جاهز!)
قالت السيدة (بروير) هذا وهي تضع حقائبها في وسط المنزل. نظرت إلى داخل غرفة المعيشة..
وقالت: (ألا يجب إغلاق التلفزيون لدقيقة واحدة حتى تودع أمك!!!)
أغلق (كاسي) التلفزيون وقام... هو وأخته لوداع الأم.
(ديانا) صديقة (مارجريت) والتي تسكن بجانبهم اقتربت. وسألت الأم: (إلى متى سوف تغيبين يا سيدة (بروير)؟)
سألت (ديانا) هذا السؤال وعيناها على الحقيبتين الكبيرتين الموجودتين أمامها.
-(لا أعلم؟ فقد دخلت أختي المستشفى هذا الصباح. وأعتقد أنني سوف أنتظر حتى تعود إلى المنزل).
-( سأكون سعيدة أن أدعو (مارجريت) و(كاسي) في فترة غيابك!! قالتها (ديانا) وضحكت.
قالت (مارجريت): (ألست أكبر منك يا (ديانا)؟!!)
ورد (كاسي): (وأنا أذكى منكما أنتما الاثنتان!)
-(أنا لست قلقة عليكما يا أطفال).
قالتها وهي تنظر بعصبية في ساعتها.. (ولكنني قلقة على أبيكم).
-(لا تقلقي!) قالتها (مارجريت) في جدية. (فأنا سوف أرعاه).
(فقط تأكدا أنه تناول طعامه. فهو يستغرق في عمله لدرجة أنه ينسى تناول طعامه ما لم يذكره أحد).
قالت مسز (بروير).
فقالت (مارجريت): (سوف نحس بالوحدة بدونك يا أمي. فأبي نادرا ما يترك عمله في القبو).
مر أسبوعان على حادث القبو. وفد ابتعد الطفلان عنه نهائيا خوفا من غضب أبيهما مرة أخرى. ولكن خلال هذين الأسبوعين كان الأب نادر الكلام معهما ما عدا الكلام العادي (صباح الخير أو تصبحان على خير).
أجبرت (مارجريت) نفسها على الابتسام قائلة لأمها: (لا تقلقي. وراعي خالتي (أليانور) جيدا.
قالت الأم أنها سوف تطلبهما في التليفون عندما تصل.
نظرت بعصبية مرة أخرى لباب القبو وصاحت: ((مايكل)، حان الوقت لتأخذني للمطار).
رد دكتور (بروير) بعد فترة طويلة.
نظرت الأم للطفلين وقالت: (أعتقد أنه لن يلاحظ عدم وجودي في المنزل).
قالتها بضحك، ولكن عينيها كانتا مملؤتين بالحزن.
بعد فترة قصيرة سمعوا خطوات على السلم.
وظهر الأب. خلع بالطو المعمل ووضعه جانبا. وعلى الرغم من مرور أسبوعين على حادث يده إلا أنه مازال يربطها.
سأل الأب: (هل أنت جاهزة؟)
ردت: (أعتقد!)
نظرت الأم إلى الطفلين بحنان. واحتضنت كلا منهما.
حمل الأب الحقيبتين وقال: (ما أثقلهما. هل ستسافرين لمدة عام؟)
ولم ينتظر ردّا فقد خرج من الباب.
تمنت (ديانا) رحلة سعيدة للسيدة (بروير) وشاهد الجميع السيارة وهي تبتعد ثم دخلوا إلى غرفة المعيشة. فتح (كاسي) التلفزيون مرة أخرى ألقت (ديانا) نفسها على الأريكة وأخذت تأكل من كيس (الشيبس).
أما (مارجريت) فقد جلست القرفصاء على الأرض وظهرها يستند على الأريكة. كانت مازالت تفكر في أمها وخالتها المريضة.
قالت (مارجريت) وهي تنظر لـ (ديانا): (إنه فلما رائع حقا!)
وافقها (كاسي) على هذا الرأي. ولم يحرك عينيه عن التلفزيون.
-(لا أعرف لماذا أجلس هنا وأنا ام أنته من واجبي المنزلي بعد! قالت (ديانا).
-(وأنا الأخرى لم أنته بعد قالت (مارجريت).
صرخ(كاسي) وقال: (هذا هو الجزء المثير في الفيلم).
فردت (ديانا): (هل شاهدته من قبل؟!)
-(مرتين). رد (كاسي).
قالت (مارجريت): (إته يوم جميل. ربما نستطيع الخروج لركوب الدراجات).
ردت (ديانا): (دائما الجو جميل هنا بعد الظهيرة).
طلبت (مارجريت) من (ديانا) أن ينتهيا من واجب الرياضيات سويّا. حيث أن (ديانا) أفضل من (مارجريت) فيها.
قالت (ديانا): (ربما أو..) سكتت. ثم أكملت: (كانت العصبية واضحة على والدك).
ردت (مارجريت): (ماذا تقصدين؟)
ردت: (فقط عصبي. كيف حاله؟!)
هنا صاح (كاسي) حتى يستطيع متابعة الفيلم.
ردت (مارجريت) عليها بأن أباها بخير. وأنه يقضي معظم وقته في القبو مع تجاربه.
(تجارب!.... هيا نذهب لنلقي نظرة!) هكذا صاحت (ديانا).
فهي من أشد المعجبين بمادتي العلوم والحساب. عكس (مارجريت) التي كانت تكرههما.
-(هيا بنا! وأخذت تشد (مارجريت) في إلحاح.. ماذا يصنع أبوك في القبو؟)
ردت (مارجريت): (لا أدري فقد حاول أن يشرح لي. ولكنني لم أفهم).
قالت هذا وهي تقوم مع (ديانا).
هنا صاح (كاسي) مرة أخرى حتى يستطيع متابعة الفيلم.
قالت (مارجريت): (ربما يصنع (فرنكشتين) أو (روبوت).. ألن يكون هذا لطيفا؟!)
ثم أضافت: (لا يوجد كثير من النباتات والمعدات. ولكن أبي لا يريد أحدا منا أن ينزل تحت).
-(إذا فهو شيء سري للغاية).
قالت (ديانا) وكلها شوق للنزول.. (إننا سوف نلقي نظرة سريعة فقط).
رفضت (مارجريت) وهي لا تستطيع أن تنسى نظرة الغضب التي كانت على وجه أبيها، عندما حاولا هي وأخوها النزول. والطريقة التي صرخ بها طالبا عدم نزولهما مرة أخرى إلى القبو.
صاحت (ديانا) في (مارجريت): (هل تخافين النزول؟).
قالت بحدة: (لا).
فكثيرا ما دفعتها (ديانا) لفعل أشياء لم ترغب في فعلها. لماذا تظن (ديانا) نفسها أشجع من الآخرين؟
-(جبانة). قالت (ديانا) هذا، وقد ذهبت ناحية القبو..
طلبت منها (مارجريت) التوقف.. وتبعتها إلى باب القبو. وهنا أغلق (كاسي) التلفزيون وتبعتها إلى باب القبو. وهنا أغلق (كاسي) التلفزيون وتبعهما هو الآخر.
-(لا نستطيع!) قالت (مارجريت).
وهنا وضعت (ديانا) يدها على فم (مارجريت) وقالت لها: (سوف نلقي نظرة سريعة. ولن نلمس أي شيء وسنعود على الفور).
سألت (مارجريت) صديقتها: (لماذا إصرارك على النزول؟!)
لكنها استسلمت للفكرة.
وطلبت من (ديانا) و(كاسي) عدم لمس أي شيء.
تقدم (كاسي) وفتح الباب. أحسوا جميعا بحرارة الجو. وسمعوا صوت الآلات الألكترونية.
وعلى اليمين شاهدوا الضوء الأبيض الساطع القادم من غرفة دكتور (بروير).
إنها حكاية مسلية.
-قالت (مارجريت).. (وهي أيضا مغامرة. ولن يضر أن نلقي نظرة!)
ولكن لماذا كان قلب (مارجريت) يدق بشدة؟ ولماذا اجتاحها هذا الخوف المفاجئ؟!!



3

عندما انتهوا من نزول السلم أصبح الهواء ساخنا وثقيلا.
قالت (مارجريت): (التغيير المفاجئ في درجة الحرارة يشعرني بالاختناق).
توقفت في منتصف القبو الذي كان مقسما إلى مستطيلين كبيرين. المستطيل الذي على اليسار غارق في الظلام. حتى أنها لم تستطع رؤية ما بداخله. أما الآخر فكان غرفة عمل أبيها وكانت مضاءة إضاءة قوية حتى أعينهم تعبت منها.
صاح (كاسي): (انظرا!!)
اتسعت عيناه عندما وصل إلى الغرفة المضاءة بقوة.
رأوا نباتات لامعة، طويلة. كانت هناك أعداد كثيرة منها. منسقة بطريقة غريبة في تربة سوداء.
إنها تشبه الغابة. قالت (مارجريت) الحقيقة أنها تشبه نباتات الغابة في طولها وأوراقها. إنها تشبه المستنقع. قالت (ديانا): (هل زرع أبوكم هذه النباتات خلال خمسة أو ستة أسابيع فقط؟!!!)
-(أنا متأكدة).
قالت (مارجريت) وهي تحدق في ثمار الطماطم الضخمة التي أمامها.
-(ياه. ضعوا أيديكم على هذه!)
قالت (ديانا) وهي تنظر إلى (مارجريت) لتجد صديقتها وهي تمسح بيدها على ورقة كبيرة من النبات قطرات تشبه الدموع.
صاحت (ديانا): (لا يجب أن تضعي يدك عليها).
ولكن (مارجريت) لم ترفع يدها. وقد وجدتها غاية في النعومة مثل سطح الزجاج. ظل الأطفال يختبرون كل النباتات الموجودة وكلهم دهشة من حجم الثمار التي أنتجتها هذه النباتات.
أحس (كاسي) بالحرارة الشديدة فخلع سترته. وألقاها على الأرض.
فجأة صرخ (كاسي).. فجرت أخته إليه. قال وهو يشير إلى إحدى النباتات: (إنها تتنفس!!!)
ضحكت (ديانا). ولكن (مارجريت) سمعت هي الأخرى صوت التنفس وهو يصدر من هذا النبات الطويل. لم تصدق (ديانا) ما قاله الأخوان.
وأخذت تلقي ببعض النكات. اقتربت أكثر فلم تسمع شيئا. ركز ثلاثتهم. ولكن الصمت كان يلف المكان.
صرخ (كاسي) مرة أخرى. كان يقف هذه المرة أمام دولاب زجاجي كبير يقع أمام النبات.
وكان يشبه سماعة التليفون. ولكن مملوء بالأسلاك من داخله.
تتبعت (مارجريت) الأسلاك. فوجدتها تصل إلى دولاب آخر مشابه يبعد عدة أقدام.
كان هناك شاحن كهربائي كبير بين هذين الدولابين وقد اتصل بهما معا.
(ماذا يمكن أن يحدث؟!)
سألت (ديانا) وهي تتجه بسرعة ناحية (كاسي).
طلبت (مارجريت) منهم عدم لمس أي شيء.
لكن (كاسي) كان قد وصل إلى الدولاب الزجاجي وقال: (أريد فقط أن أرى إذا كان هذا الدولاب يفتح أم لا!)
فتح (كاسي) الدولاب وفجأة ظهر الرعب في عينيه. كان جسده كله يهتز بشدة. ورأسه تتأرجح يمينا ويسارا. وصاح: (النجدة!!) وأصبح كل جسده يهتز أسرع وأشد.
(ساعدوني.. ساعدوني. لا أستطيع التوقف!!)



4

-(ساعدوني!!) كان جسم (كاسي) يرتعش وكأن تيارا كهربائيا يمر بداخله. وفجأة سقطت رأسه على كتفيه وامتلأت عيناه بنظرة غريبة.
كانت (مارجريت) أول من تحرك لإنقاذ أخيها. حاولت أن تشده بعيدا عن الدولاب. صاحت (ديانا): (لا تحاولي لمسه يا (مارجريت)!!)
-(علينا أن نفعل شيئا). صرخت (مارجريت). ومر بعض الوقت فأدركت الفتاتان أن (كاسي) قد توقف عن الرعشة وأخذ يضحك بعنف.
نظر (كاسي) إليهما وقال: (لقد ضحكت عليكما وعاد يضحك من جديد).
-(ليس هذا شيئا مسليا يا (كاسي)!) قالت (مارجريت). وكانت (ديانا) في حالة سيئة. شاحبة اللون وترتعش.
انقضت الفتاتان على (كاسي) وأخذتا تضربانه وهو يضحك لكنهم توقفوا عندما سمعوا صوتا غريبا في القبو. رفعوا رؤوسهم ونظروا في اتجاه الصوت. كان الصمت يلف المكان. ولا يوجد غير صوت تنفسهم الثقيل. سألت (ديانا): (ما هذا؟)
-(إنها النباتات!) رد (كاسي)، وهو يحاول الوقوف.
-(النباتات لا تبكي ولا تئن). قالت (ديانا) هذا وهي تنظر إلى النباتات التي تملأ الحجرة.
-(ولكن النباتات تتنفس!)
بدأ ثلاثتهم في سماع التنفس مرة أخرى.. تنفس بطيء ومنتظم.
قال (كاسي): (لنرحل من هذا المكان. واتجه إلى السلم).
تبعته (ديانا) وهي تقول: (إن هذا المكان مخيف). وأخذت تنظر للنباتات التي تئن من حولها.
-(أنا متأكدة أن أبي يستطيع تفسير هذا..)
قالت (مارجريت). كانت كلمتها هادئة. ولكن مملؤة بالخوف وهي ترتجف. تركت هي الأخرى الغرفة.
-(أبوكم غريب الأطوار). قالت (ديانا).
رد (كاسي) مدافعا: (لا. ولكنه يصنع أشياء مهمة بالتأكيد).
مالت شجرة كبيرة ناحيتهم وهي تهتز كأنها تسألهم أن يعودوا. فصرخوا وصعدوا السلم جريا بعد أن كاد تنفسهم أن يتوقف!
أغلق (كاسي) الباب بإحكام خلفه.
-(غريب). قالت (ديانا).. (غريب جدا). وكان على (مارجريت) أن تعترف بهذا.
(أبي حذرنا من النزول إلى القبو. فأظن أنه كان يعرف أننا سوف يتملكنا الخوف ولن نفهم ماذا يحدث!!)
قالت (ديانا).. (سوف أرحل من هنا). قالتها وهي تحاول أن تكون هادئة. وخرجت من الباب بسرعة.
ظلت (مارجريت) تفكر في النباتات التي تبكي وتئن. والتي كانت كأنها تدعوهم ليعودوا. ولكن هذا مستحيل.
عندما اختفت (ديانا). ظهرت عربة الدكتور (بروير) وهي تدخل أمام المنزل قادما من المطار.
اقتربت (مارجريت) من أخيها وسألته: (هل أغلقت باب القبو؟)
رد (كاسي): (نعم). وهو يلقي نظرة على الباب.
-(أتظنين أن أبي سيعرف أننا...) توقف عن الكلام وقد ظل فمه مفتوحا.
كان ما يزال مندهشا مما رأى. فجأة هتف: (قميصي!! لقد تركته في القبو!!!)



5

(لابد أن أحضر قميصي وإلا عرف أبي ما حدث. لقد فات الأوان. ردت (مارجريت).
لقد وصل بالفعل. قال (كاسي) وهو يضع يده على الباب.. (لن أستغرق ثانية).
-(لا تفعل). قالت (مارجريت) بعصبية.. (إنه خارج السيارة الآن).
-(ولكنه سوف يعرف). صرخ (كاسي).. (أتتذكرين كيف كان غاضبا آخر مرة؟!!)
-(طبعا أتذكر. ولكنه لن يقتلنا). توقفت (مارجريت) فجأة وصاحت: (انتظر. لقد توقف أبي مع مستر (هنري) جارنا، انزل بسرعة..)
فتح (كاسي) الباب مسرعا وهبط إلى القبو. سمعت (مارجريت) خطواته وهي تبتعد.
-(أسرع).
صرخت (مارجريت) وهي تراقب أباها من الباب. كان ما يزال يتحدث مع جارهم. والذي بدا أنه يقوم بكل الكلام.
كانت (مارجريت) تعرف أنه في الغالب يطلب من أبيها بعض الخدمات. وكانت هناك ابتسامة ما على وجه الأب.
-(اصعد بسرعة يا (كاسي)، أين أنت؟)
كان دكتور (بروير) قد انتهى من حديثه مع الجار متجها بسرعة إلى المنزل.
-(هل يأخذ التقاط قميصك كل هذا الوقت؟!! أسرع).
كان الأب قد وصل إلى الباب في هذه الإشارة إلى أبيها.
نادت مرة أخرى على أخيها (كاسي). ولكنها لم تسمع إجابة. والقبو يلفه السكوت.
توقف الأب لكي يرى بعض الزهور بجانب الباب. أدركت (مارجريت) أنه لا فائدة من الانتظار. وعليها النزول إلى القبو لكي ترى ماذا حدث لـ (كاسي)!!




6

نزل (كاسي) مسرعا وهو يمسك السياج الحديدي حتى توقف عند المدخل. حتى تستطيع عيناه أن تتعودا على هذه الإضاءة الشديدة، أخذ نفسا عميقا واحتفظ به داخله. كان الجو شديد الحرارة..
فجأة بدأ يحس بشيء في ظهره.
وجد قميصه ملقى على الأرض بجانب شجرة ضخمة. وقد بدت الشجرة وكأنها تتجه ناحية القميص. تقدم بضع خطوات أخرى ناحية القميص ثم بدأ يسمع تنفس النباتات المنتظم مرة أخرى. وسأل نفسه: (هل هي هذه الشجرة التي تتنفس؟!) حملق (كاسي) في قميصه. لقد كان قريبا جدا.
فلماذا لا يأخذه ويهرب؟ ماذا كان يمنعه؟
تقدم خطوة ثم ثانية. كان التنفس يزداد قوة.
قفز من الأنين المفاجئ الذي سمعه يصدر من واحدة من النباتات.
كان الصوت كأنه صوت إنسان. كأن أحدا يئن من الألم.
أخذت (مارجريت) تصيح: (أين أنت يا (كاسي)؟؟)
-(أنا بخير، ردا على أخته).
تقدم خطوة ثم أخرى. كان القميص على بعد ثلاثة خطوات.
أخذ (كاسي) القميص وهو يستعد للجري. أحس كأنه أصيب بالشلل. وأن هناك شيئا قد التف حول وسطه. صرخ: (دعني وشأني).
كان يمسك قميصه بقوة. التفت فروع الشجرة حول (كاسي) بقوة.
كانت (مارجريت) تنادي أخاها ولكنه لم يستطع أن يجيبها. كانت الأغصان تلتف حوله. ولكنها لا تعتصره. قاوم (كاسي) بشدة. ولكن الأغصان كانت هي الأقوى منه. أحس كأنها مبتلة ودافئة. كأنها أيدي حيوانات وليس نباتات.
-(النجدة!)
صرخ (كاسي) كان مازال يحاول الفرار من هذه الأغصان الملتفة حوله. ولكن دون جدوى. أخرجت النباتات أنينا قويا.
فجأة وجد (مارجريت) أمامه. ولم يسمعها وهي تنزل. ولم يرها وهي تدخل الحجرة.
نظرت (مارجريت) إلى أخيها محدقة ومذهولة. قال لها: (إنها لا تريد أن تتركني).
شدت (مارجريت) الأغصان بقوة فلم تقاوم الأغصان طويلا. ثم استسلمت ليد (مارجريت).
أخذت الفتاة يد أخيها وأسرعا خارج الغرفة واتجها ناحية السلم.
توقف الأخوان عند بداية السلم.
كان الأب يقف أمامهما. وهو ينظر إليهما نظرات مملؤة بالغضب الشديد.



7

-(أبي.. النباتات!!) صرخت (مارجريت).
حملق الأب فيهما بنظرات باردة دون أن يتكلم.
-( لقد أمسكت واحدة منها بيد (كاسي). قالت (مارجريت).
-(لقد نزلت لأحضر قميصي).
كان صوت (كاسي) يرتعش وهو يقول هذا لأبيه.
كانا يتطلعان إليه. وينتظران ماذا سيفعل. لكنه لم يفعل شيئا. فقد ظل صامتا ينظر إليهما.. وأخيرا قال: (هل أنتما بخير؟!).
أدركت (مارجريت) أنها مازالت تمسك بيد أخيها. فتركتها.
قال الأب: (لقد خيبتما أملي).
قالها بصوت منخفض، بارد.
-(آسفة). قالت (مارجريت).
-(نحن لم نلمس أي شيء. قال (كاسي).
-(خيبتما أملي). قالها الأب للمرة الثانية. وأشار لهما أن يصعدا.
-(كنت أظن أنه سوف يصرخ فينا). قالها (كاسي) وهو يطلع السلم.
-(هذا ليس أسلوب أبي ردت (مارجريت).. لقد صرخ فينا آخر مرة عندما حاولنا النزول إلى القبو).
تبعا الأب إلى المطبخ فأشار لهما بالجلوس. وجلس على الكرسي المقابل لهما. أخذ ينظر إليهما كأنه يريد أن يحفظ ملامحهما. وكأنه يراهما لأول مرة.
كانت ملامح الأب جامدة بلا أي إحساس أو عاطفة. كان كالإنسان الآلي.
-(ماذا حدث لهذ النباتات؟) سأل (كاسي).
-(سوف أشرح لكما في يوم ما).
قالها وهو مازال يحملق فيهما.
هل كان أبوهما يحاول أن يخيفهما؟ إذا كان هذا صحيحا فقد نجح في إيصال هذا الشعور لهما.
كانت تصرفات الأب غريبة!!! فلقد تعودا على أن يكون أبوهما واضحا. فعندما يكون غاضبا فإنه يقول لهما إنه غاضب. وإذا كان حزينا فإنه أيضا يعترف بذلك.
إذا لماذا أصبح يتصرف بغرابة! بصمت، ببرود..؟
-(لقد طلبت منكما عدم النزول إلى القبو. أظن أن كلامي كان شديد الوضوح!!)
نظر الطفلان إلى بعضهما وقالا: (لن نكررها مرة أخرى).
-(هل يمكن أن تأخذنا إلى القبو وتشرح لنا؟)
-(يوما ما سوف أفعل).
وقف الأب. وقال: (لابد أن أعود إلى العمل. واختفى بسرعة. بعد قليل ظهر وهو يحمل معطف المعمل. سألته (مارجريت) عن أمها وهل خالتها على ما يرام.
الأب: (فيما بعد فأنا مشغول). ونزل إلى القبو.
قال (كاسي): (إن أبي يتصرف بغرابة!!)
جلس الطفلان يتحدثان عن ما حدث لـ (كاسي) في القبو. وكيف أنه خائف.
ويتوقع أن يحلم أحلاما مخيفة بالليل.
صعدت (مارجريت) إلى غرفتها وهي تفكر في أمها. وكيف أنها تفتقدها.
أخذت تسترجع مشهد (كاسي) والنباتات تلتف حوله، وهو يحاول أن يخلص نفسه منها.
ألقت (مارجريت) بنفسها على الفراش استعدادا للقراءة. ولكن صوت الأنين الصادر عن النباتات ظل يطاردها. أخذت تفكر فيما حدث. وأنهما لم ينالا عقابا على نزولهما إلى القبو. وأن أباها قد وعدهما بشرح ما يحدث. هذه الأفكار أراحت (مارجريت) بعض الشيء.
في صباح اليوم التالي. استيقظت (مارجريت) ونزلت لتعد الإفطار ولدهشتها. وجدت أباها في القبو.
كلمت (مارجريت) أمها في التليفون. كانت تقول أنها حزينة على خالتها. فردت الأم بأن العملية الجراحية لم تتم بالنجاح المتوقع. وأن الأطباء ربما يحتاجون إجراء عملية أخرى لها.
قالت (مارجريت): (أظن أنك سوف سوف تتأخرين في الحضور؟)
ضحكت الأم وقالت: (هل أوحشتك؟!)
قالت (مارجريت): (نعم بالتأكيد!)
سألت الأم عن أبيها. فقالت (مارجريت) أنه يعمل باستمرار. فهو لا يخرج من القبو.
قالتها وصوتها تشوبه الشكوى والمرارة.
ردت الأم: (إن تجارب أبيك في غاية الأهمية له).
-(أهم منا نحن؟)
سألت (مارجريت) وشعرت بالأسف لأنها بدأت تشكو لأمها. فهي لديها ما يكفي من مشاكل. وأدركت أنه لا يصح أن تجعلها تشعر بقلق أكثر مما يلزم.
قالت الأم: (إن أباك عليه إثبات الكثير لنفسه ولمن حوله. أظن أنه يعمل بهذا الجد ليثبت لمستر (مارتينيز) ولغيره في الجامعة أنهم كانوا مخطئين عندما فصلوه من عمله).
ردت (مارجريت): (ولكننا كنا نراه أكثر عندما كان يعمل خارج المنزل).
قالت الأم وقد فقدت صبرها: ((مارجريت). أنا أحاول أن أشرح لك. فأنت كبيرة بالقدر الكافي).
اعذرت (مارجريت) وأرادت أن تغير الموضوع. فقالت: (إنه يرتدي طاقية على رأسه).
ردت الأم: (تقصدين (كاسي)؟!)
فقالت (مارجريت): (لا.. أعني أبي).
تعجبت الأم وضحكت هي وابنتها. وقالت لها إنها سوف تحاول أن تطلبها في وقت آخر وأنهت المكالمة.
حزنت (مارجريت) لأنها اضطرت أن تشكو لأمها. وهي تعلم أنها حزينة على أختها. فكرت أن تطلب صديقتها (ديانا) لأنها وحيدة. و(كاسي) عند صديق له. 
فكرت في الذهاب لتأكل أولا ثم تطلب صديقتها بعد ذلك.
عندما اقتربت (مارجريت) من المطبخ وجدت أباها واقفا. كان يعطي ظهره لها.
أحسّت ببعض الفضول وهي ترى أباها يأكل بيد واحدة. كان يحمل بيده كيسا ويأخذ منه ويأكل بنهم شديد. وبصوت عال.
سألت نفسها: (ماذا يأكل؟! إنه لا يأكل معنا أنا و(كاسي) مطلقا. ودائما ما يقول إنه غير جائع).
ولكن الآن يأكل وكأنه يكاد يموت جوعا.
أخذت (مارجريت) تراقبه من خارج المطبخ. وهو يأكل من الكيس الذي يحمله.
بعد فترة انتهى مما يأكل وطبق الكيس وألقاه في صندوق القمامة.
انسحبت مسرعة، واختفت حتى رأته مرة أخرى وهو ينزل للقبو. وغلق الباب خلفه.
عندما تأكدت أن الباب قد أغلق. ملأتها الرغبة في أن تعرف ماذا كان يأكل أبوها، وبكل هذه الرغبة في الأكل.
فتحت صندوق القمامة وأخذت الكيس الذي كان يأكل منه.
دهشت (مارجريت) عندما قرأت المكتوب على الكيس!!
كان أبوها يأكل غذاء خاصا بالنباتات!!!



8

ابتلعت (مارجريت) ريقها بصعوبة. فقد جف حلقها. وأخذت تنظر إلى الكيس الملقى أمامها.. شعرت بالغثيان. فهي لم تستطع أن تبعد عن مخيلتها هذه الصورة المقززة. فوالدها كان يأكل طينا!!
إنه لم يكن يأكل فحسب. ولكنه كان مستمتعا كأنه يحبه ويحتاجه!
ربما يكون جزءا من أبحاثه فكرت (مارجريت)! ولكن أي نوع من الأبحاث هذا الذي يتطلب ما يفعله! وماذا يريد أبوها أن يثبت من خلال هذه النباتات الغريبة التي يزرعها؟!!
المادة التي كانت في الكيس تشبه السماد. ولم تتمالك نفسها مرة أخرى من الشعور بالغثيان، عندما تخيلت ماذا يكون طعم السماد!!
كيف يضع أبوها مثل هذا السماد في فمه؟
وضعت (مارجريت) الكيس مرة أخرى في صندوق القمامة. لكن فجأة تملكها الفزع.
كانت هناك يد تمتد وتمسكها من كتفها. صرخت صرخة مكتومة. لقد كانت يد (كاسي) الذي ابتسم وهو يقول لها: (لقد عدت). سألها: 0ماذا لدينا على الغداء؟)
صنعت له سندوتشا من زبدة الفول السوداني ثم بدأت تحكي له ما حدث.
ضحك (كاسي) ولكنها صرخت فيه: (هذا ليس وقت الضحك. فأبونا يأكل السماد). لكن (كاسي) ضحك مرة أخرى، لدرجة أنها ضربته في كتفه بشدة، فسقط السندوتش من يده.
اعتذرت (مارجريت) لأخيها وقالت له: (إن هناك شيئا غير طبيعي في والدنا لماذا لا تريد أن تصدق ما أقول؟ ألا ترى كيف تغير والدنا أكثر بعد سفر أمنا.. إنه يقضي وقتا أطول في عمله. وقد أصبح أكثر هدوءا وبرودا معنا. وقليلا ما يقول لنا أي كلمة. لقد كان دائم السؤال عنا وعن أخبار المدرسة. أصبح لا يسأل مطلقا). (ماذا تحاولين أن تقولي؟!) سأل (كاسي).
(هل تقولين إنه فقد عقله).
قالت بحزن: (لا أعلم فأنا مملؤة بالأفكار المرعبة. أظن أنه سوف يتحول إلى نبات!!) ضحك (كاسي) كثيرا. وبدأ يجري ويقلد بعض الأصوات الغريبة ليخيف أخته. ثارت (مارجريت) وقالت: (ما أقوله لا يضحك!)
كانت (مارجريت) لاتزال واقفة خلف منضدة المطبخ بعد أن أعدت السندوتش لأخيها الذي اقترب منها في محاولة لإخافتها وأخذ يصيح بطريقة مرعبة.. (النباتات قاتلة البشر) وأخذ يمسح وجهه بين كتفيها..
وهنا تملك أخته الخوف وأخذت تصيح فيه: ((كاسي) أرجوك توقف فأنا حقا أشعر بالخوف..)
فأخذ يضحك قائلا: (سوف أتوقف في حالة إذ ما صنعتي لي (سندوتشا) آخر لذيذا من زبدة السوداني).
يوم الاثنين بعد المدرسة اجتمعت (مارجريت) و(كاسي) و(ديانا) للعب أمام منزل (ديانا). كان يوما دافئا. والسماء مملؤة ببعض السحب البيضاء الصغيرة. كانوا يلعبون بالطبق الطائر. وقد قام (كاسي) ببعض الحركات التي أضحكت الفتاتين.
-(بماذا تشعران إذا اتضح أن أباكما يجري تجارب مجنونة؟)
سألت (ديانا) هذا السؤال فجأة. لم تقل (مارجريت) شيئا، لأنها لم تكن متأكدة مما قالته (ديانا)!
قذفت (ديانا) الطبق الطائر! إلى أعلى وقبل أن يسقط اصطدم برأس (كاسي) بين أشجار الليمون ذات الرائحة الربيعية الجميلة والتي تمتد فروعها إلى خلف مبنى الجراج.
جرى (كاسي) خلف الطبق الطائر لإحضاره والذي تصادف أن سقط على رشاش الماء الخاص بري زرع الحديقة وهنا انفجرت المياه بشدة في جميع الاتجاهات مما أثار ضحك الفتاتين.
وهنا التقطه (كاسي) وحاول أن يقذفه في الهواء ولكن لابتلاله تزحلق وسقط على الأرض مما أثار ضحك الفتاتين مرة أخرى.
طلب (كاسي) من أخته أن تستمر في اللعب.
أرسلت (مارجريت) الطبق إلى أخيها. لكنها فجأة ردت على (ديانا) بحدة قائلة: (ليس لمجرد أنه يصنع بعض التجارب الغريبة تجعل منه عالما مجنونا).
-(لقد حلمت بكابوس الليلة الماضية. وكانت هذه النباتات الغريبة التي في قبوكم تصرخ وتحاول الإمساك بي). هكذا قالت (ديانا).
-(آسفة). ردت (مارجريت).. (فأنا أيضا حلمت ببعض الكوابيس!!)
أخذت (مارجريت) تردد كلمة عالم مجنون في رأسها أكثر من مرة.
فقد كانت تظن أنه لا يوجد علماء من هذا النوع إلا في أفلام السينما.
(لقد كان أبي يتكلم عن والدك الليلة السابقة!)
-(وهل قلت له عن نزولنا إلى القبو؟) سألت (مارجريت).
-(لا لم أقل له شيئا). أجابت (ديانا). ثم أضافت: (ولكن أبي يقول إن والدك قد فصل من عمله في شركة (بولي تك). لأن تجاربه أصبحت مخيفة، لأنه لم يعد يستطيع السيطرة عليها. وأن الجامعة طلبت منه أن يوقف تجاربه. ولكنه رفض، وقال إنه لا يستطيع إيقافها).
قالت (ديانا) هذا الكلام وأنهته بأن والدها سمع ما تقوله من شخص يعمل معه. لم تسمع (مارجريت) هذه القصة من قبل. ولكنها أدركت أن بها قدرا كبيرا من الصحة.
-(أظن أن هناك أشياء سيئة تجري في معمل والدك!)
قالت (ديانا).
فردت (مارجريت): (كل ما قلتي يا (ديانا). لا يصنع من أبي عالما مجنونا).
غيرت (ديانا) الموضوع. وأخذت تتكلم عن بعض الزملاء في المدرسة. ثم عن المدرسة نفسها.
-(حان موعد الرجوع للمنزل). قالت (مارجريت). وأخذت (كاسي) معها.
جرت (مارجريت) وأخوها إلى منزلهما. وعندما اقتربا، توقفا فجأة!!
فقد شاهدا والدهما. كان يختبر بعض الأزهار في الحديقة.
-(مرحبا يا أبي).
قال (كاسي) ثم أرسل طبقه في الهواء ليمسكه والده. ولكنه كان بطيئا. فلم يستطع أن يمسك به. فأصاب غطاء الرأس الذي يرتديه. شهق الأب بصوت عال في دهشة، ورفع يده ليغطي رأسه!!
ولكن الوقت كان قد فات، فلقد شاهدت (مارجريت) وأخوها رأس والدهما.
في البداية ظنت (مارجريت) أن شعر والدهما قد تغير إلى الأخضر.
ولكنها أدركت أنه ليس هناك شعر في رأسه!!
لقد سقط كل الشعر!!
وامتلأت رأسه بأوراق الشجر الخضراء!!



9

(لا تفزعوا يا أطفال!) قال دكتور (بروير) وهو يلتقط غطاء الرأس من على الأرض ويضعه على رأسه.
في هذه اللحظة جاء طائر وحلق قريبا من رأس (مارجريت) التي رفعت رأسها تتبع الطائر. وصورة الرأس والدها المملؤة بورق الشجر لا تفارق خيالها.
لقد أحست أنها تريد أن تهرش رأسها بشدة كانت تحاول أن تتخيل إحساس ورق الشجر بدلا من الشعر في الرأس!!!
أعاد دكتور (بروير) كلامه في محاولة لتهدئة الأطفال.
-(ولكن يا أبي... رأسك!) وتوقف (كاسي) عن الكلام وقد شحب وجهه.
أحست (مارجريت) بدوخة. اقترب الأب منها ووضع يده على كتف (مارجريت) و(كاسي) وقال: (لنجلس في الظل ونتكلم!) ثم أضاف: (لقد تحدثت مع أمكما هذا الصباح وقد قالت إنكما تشعران بالقلق من عملي المستمر).
-(ولكن يا أبي إن رأسك مملوء بورق الشجر!) قال (كاسي).
ابتسم دكتور (بروير) وقال: (لهذا وضعت غطاء الرأس حتى لا تقلقا).
جلس ثلاثتهم على الحشائش الخضراء الموجودة في الحديقة.
نظر (بروير) في وجه (مارجريت) لدرجة أنها أشاحت بوجهها بعيدا.
-(إنك لم تنطقي بكلمة واحدة).
قال دكتور (بروير) وقد أمسك بيدها وسألها عما تريد أن تعرفه.
سألت (مارجريت) والدها عن أسباب ظهور أوراق الشجر في رأسه).
ابتسم وقال: (إنه عرض مؤقت.. وسوف يزول مع مرور الوقت. وسوف أسترد شعري مرة أخرى).
ربما من الأنسب أن أشرح لكما ماذا أحاول أن أصنع في القبو.
كان يحاول أن يبعث فيهما قدرا من الاطمئنان والراحة. لقد ركزت في أبحاثي لدرجة أنه لم يعد لدي وقت لأتحدث معكما.. صمت قليلا ثم قال: (أنا آسف!! فالعمل الذي أصنعه في غاية المتعة والصعوبة في نفس الوقت).
-(هل وجدت أنواعا جديدة من النباتات؟) سأل (كاسي).
-(لا. فأنا أحاول إنتاج أنواع جديدة من النباتات). رد دكتور (بروير).
ثم بدأ في شرح ما يصنع في القبو. وقد بدأ بتقديم بعض الأمثلة قائلا: (إذا أخذنا شخصا يمتلك نسبة ذكاء مرتفعة جدا. واستطعنا أن نأخذ منه (الجين) المسئول عن هذا الذكاء ونضعه في مخ شخص آخر. وينتقل هذا الذكاء من جيل إلى جيل. هنا يستطيع عدد كبير من الناس أن يحصلوا عليه. هل فهمتهم؟)
-(نوعا ما. فأنت تقصد أنك تأخذ شيئا جيدا من شخص ما وتنقله إلى شخص آخر. وينتقل هذا الشيء في أولاده وتستمر العملية).
-(تماما). قالها دكتور (بروير) وهو يبتسم.
وأضاف: -(أحاول صنع نباتات تنتج خمسة أضعاف ما تنتجه الشجرة العادية).
-(وهل هذا ما تصنع؟) سأل (كاسي).
-(ليس تماما. فأنا أصنع شيئا مختلفا نوعا ما وغير عادي. ولا أريد أن أخوض في تفاصيل. ولكن كل ما أستطيع أن أقوله أنني أصنع نوعا لم يكن ولن يكون. فأنا أصنع نباتا نصفه نبات ونصفه حيوان).
نظر الطفلان إلى بعضهما. وقالت (مارجريت): (تقصد أنك تأخذ خلية من الحيوانات وتضعها في النباتات؟!!!)
ضحك وقال: (لا أستطيع أن أقول أكثر ولابد أن يبقى سرّا).
-(وكيف فعلت هذا؟) سألت (مارجريت)، وهي تفكر فيما حكى لهما والدهما.
(كيف تنقل هذه الخلايا من الحيوانات إلى النباتات؟!!)
-(عن طريق التكسير الألكتروني). أجاب الأب.
-(وهل توصلت لشيء يا أبي؟).
-(لقد اقتربت بشدة!)
قالها وكانت هناك ابتسامة عابرة على وجهه. ثم بدأ الأب يستعد للرجوع إلى عمله في القبو).
وقال: (أراكما فيما بعد!)
استعد الأب للرحيل.
-(لكن يا أبي..) صاحت (مارجريت) وتقدمت هي وأخوها من والديهما.. (إنك لم تشرح لنا ماذا حدث لرأسك. أين ذهب شعرك، ماذا حدث له، وما تفسيرك لوجود أوراق الشجر الذي حلت محل شعرك؟!!)
رد الأب في غضب: (ليس هناك ما أشرحه، إنه مجرد عرض جانبي وسرعان ما يزول وهذا سبب استخدامي لغطاء الرأس.. لاتهتموا بهذا.. إنها تحتاج لبعض الوقت ليعود كل شيء لطبيعته..)
وأخذ طريقه مسرعا إلى المنزل.
كان (كاسي) سعيدا بشرح أبيهما لما يحدث في القبو.
-(أبي يصنع شيئا غير عادي). قالها بجدية شديدة.
عند دخول (مارجريت) المنزل وجدت نفسها تعاني مما قال والدها. وتعاني أكثر مما لم يقل.
عندما اختلت (مارجريت) بنفسها وأخذت تفكر فيما قال والدها، أدركت أنه لم يشرح ماذا يحدث في رأسه. وأن كلمة مجرد تجارب لا تفي بالغرض.
ماذا جعل شعره يسقط؟ ومتى سوف يعود مرة أخرى؟ يبدو أنه لا يريد أن يشرح أكثر. ويصر على أنه مجرد تجارب. ماهو شعوره ورأسه تنمو فيه أوراق بدلامنشعره!.
كانت هناك أسئلة كثيرة، أدركت (مارجريت) أنه كان من الضروري أن تسألها. على سبيل المثال: لماذا كانت تئن النباتات في القبو؟ لماذا كانت تتنفس هذه النباتات؟ لماذا حاولت أن تمسك (كاسي)؟ أي نوع من الحيوانات كان يستعمل؟!
أسئلة كثيرة. وهناك السؤال المهم: لماذا كان أبوهما يأكل طعام النباتات؟ ولكنها لن تستطيع أن تسأل هذا السؤال. فكيف تقول لوالدها أنها كانت تتجسس عليه.
ولكنها أدركت أنها وأخوها لم يسألا الأسئلة التي أرادا إجابات عليها. ولكنهما كانا سعيدين لمجرد جلوس الأب معهما وشرحه لهما.
كان شرح الأب يوضح أنه كان على وشك أن ينتج شيئا مدهشا. ولكن فجأة أحست (مارجريت) برعشة تسري في جسدها هل كان والدهما يكذب عليهما؟!
وقررت أنه لا يمكن أن يكذب الأب على أولاده.
أخذت (مارجريت) تفكر طيلة الأمسية في كل هذه الأسئلة: (ثم سمعت صوت أقدام والدها وهو يتجه إلى الحمام. ويستعد لأخذ دش.
لابد أن تسأل هذه الأسئلة.
لابد أن أسأله عن طعام النباتات الذي يأكله. وإلا سوف أصاب بالجنون لا أستطيع أن أمحو من ذاكرتي منظر أبي وهو يأكل من الكيس.
لابد أن يكون هناك تعليل لهذا. ولابد أن أعرفه. كانت الساعة الثانية والنصف صباحا.
خرجت (مارجريت) إلى الصالة التي تقع بين الحجرات. ونظرت إلى باب الحمام الذي كان نصف مغلق. ثم سمعت الماء.
اقتربت من باب الحمام ومدت رأسها. كان الأب يقف وهو ينتهي من وضع ملابسه وغطاء الرأس بجانبه. وقد ظهر ورق الأشجار في رأسه تماما.
كانت الأوراق شديدة الخضرة وكثيفة.
لم يرها الأب. لأنه كان يضع كل تركيزه في لف يده التي كانت لا تزال تنزف.
عندما ركزت الفتاة أكثر في ذراع أبيها أدركت أنها تنزف فعلا ولكن دماء خضراء!!!
فزعت (مارجريت) لهذا المنظر وجرت إلى حجرتها فأحدثت صوتا عاليا سمعه دكتور (بروير) الذي أخذ يسأل من هناك.
جرت (مارجريت) وهي تقول: (لقد رآني وسوف يلاحقني!!)



10

غطت (مارجريت) وجهها بالأغطية وهي ترتعش.. أمسكت تنفسها وقد سكنت تماما. كان صوت الماء ما يزال يصل إليها. ولم تكن هناك خطوات تقترب.
قالت لنفسها: (إنه لا يتبعني). وأخذت نفسا عميقا.
كيف يخطر ببالي هذا التفكير؟ كيف أحسست بكل هذا الخوف من أبي؟ هذه أول مرة تخطر برأسي مثل هذه الفكرة. إنني أجلس في سريري أرتعش. وأمسك الأغطية بكل هذه القوة.
أدركت (مارجريت) في هذه اللحظة أنها خائفة من أبيها.
يا ليت أمي كانت في المنزل وبدون تفكير أمسكت بالتليفون. وقد خطرت ببالها فكرة أن تطلب أمها، وتسألها أن تأتي بأقصى سرعة. نظرت إلى الساعة وجدتها الثالثة إلا الربع صباحا.
لا أستطيع أن أصنع هذا بأمي فهي تقضي وقتا عصبيا وهي تحاول العناية بأختها.
بجوار أنها لا تعرف ماذا تقول؟ كيف تشرح لأمها إحساسها المفاجئ بالخوف من أبيها؟
فأمها سوف تطلب منها أن تهدأ. وأن والدها يحبها. ولا يمكن أن يسيء لها. سمعت (مارجريت) الماء وهو يغلق. ونور الحمام ينطفئ ووالدها يدخل إلى حجرته في نهاية الطرقة. أحست ببعض الراحة. وأغلقت عينيها في محاولة للنوم.
لم تفلح (مارجريت) في النوم. وقد أحست بجفاف في حلقها. قررت أن تنزل لتشرب بعض الماء المثلج.
اتجهت ناحية السلم بهدوء. وصلت إلى المطبخ. وفتحت الثلاجة واستعدت لتأخذ زجاجة مثلجة. فإذا بيد توضع على كتفها.
صرخت (مارجريت) وتركت الزجاجة تسقط من يدها على الأرض.
((كاسي) لقد أخفتني! ماذا تفعل هنا؟)
-(لم أستطيع النوم). (هيا ساعدني في تنظيف الأرض). نزل الاثنان على الأرض وعلى ضوء الثلاجة المفتوحة بدأ كل منهما في التنظيف.
-(لا أستطيع التوقف عن التفكير). قال (كاسي) (وهذا ما يجعلني لا أستطيع النوم).
-(وأنا أيضا). قالت (مارجريت).
بدأت تتكلم. وفجأة سمعا صوت أنين قوي. صوت مملوء بالحزن.
وقفت (مارجريت) مفزوعة وقالت: (ما هذا؟!)
تكرر الصوت مرة أخرى.
قالت: (إنه قادم من القبو).
-(هل تظنين أنها إحدى النباتات؟) قال (كاسي).
لم تجب (مارجريت) وقد ظلت ثابتة، تستمع. فجأة، والصمت يملأ المكان سمعا صرخة.
-(أظن أن أبي لم يقل لنا الحقيقة). قالت (مارجريت).
بدا (كاسي) شاحب الوجه، خائفا على ضوء الثلاجة.
جمعت (مارجريت) ورق التنشيف، وألقت به ثم أغلقت باب الثلاجة.
وضعت يدها على كتف أخيها. واتجها إلى باب القبو وأخذا يستمعان. حاول (كاسي) أن يفتح الباب. ولكنه كان مغلقا.
صوت آخر صدر من القبو. وكان أكثر وضوحا هذه المرة.
-(إن الصوت بشري). قال (كاسي).
ما حقيقة ما يحدث في القبو! قالت (مارجريت) وهي تتجه مع أخيها إلى الطابق العلوي. وضعت (كاسي) في سريره وأغلقت عليه الباب.
اتجهت إلى غرفتها. وأدركت أنها لم تستطع أن تشرب. ونامت وهي تفكر.
أفاقت (مارجريت) في اليوم التالي في السابعة والنصف كانت تفكر في المدرسة. وتذكرت أن المدرسة مغلقة لمدة يومين بسبب اجتماع للمدرسين.
حاولت أن تنام. ولكنها لم تفلح، تركت سريرها وقد عقدت عزمها على أن تتكلم مع والدها وتواجهه. وتسأل كل الأسئلة التي تريد إجابة عليها.
وضعت (مارجريت) الروب حولها واتجهت إلى خارج الحجرة. 
كان الجو خانقا وحارا. حتى بدا اليوم كئيبا. توقفت خارج حجرة (كاسي) تفكر. هل توقظه ليتكلم هو الآخر مع أبيهما.
قررت أن تترك أخاها لينام فقد سهر معظم الليل. توجهت إلى غرفة نوم والدها فوجدت الباب مفتوحا.
نادت على أبيها فلم يرد.
-(أبي هل أنت هنا؟) فلم يرد الأب.
دخلت إلى الغرفة فوجدتها خالية.
كان الجو في الغرفة خانقا ومظلما. وكان غطاء السرير ملقى على الأرض.
أدركت أن والدها لابد وأن يكون قد نزل إلى القبو مبكرا.
ما هذا الذي في السرير!! أضاءت النور ودققت النظر.
مستحيل!!!
صرخت (مارجريت) فقد كان السرير مملوءا بالطين الغامق المبلل. وأخذ الطين يتحرك!!!
-(مستحيل!!!) قالت (مارجريت).
اقتربت أكثر وقالت: (لا. ليس الطين هو الذي يتحرك).
كان الطين مملوءا بالآف الحشرات كلها تتحرك. وكلها تملأ سرير والدها!!.



11

لم يستقيظ (كاسي) حتى العاشرة والنصف. كانت (مارجريت) قد انتهت من إفطارها. وانتهت من وضع ملابسها وقضت بقية الوقت في التفكير تحاول أن تقرر ماذا ستفعل.
دقت (مارجريت) أكثر من مرة على باب القبو لتتكلم مع والدها ولكنه لم يرد عليها.
أخذت (كاسي) إلى خارج المنزل ليتكلما وكان الجو حارا.
أخبرت أخاها بدماء والدهما الخضراء والحشرات التي كانت تملأ سريره.
دهش (كاسي) لما سمعه. ولم يتفوه بكلمة واحدة لمدة طويلة.
أخيرا سأل: (ماذا سنفعل؟!)
-(أتمنى أن تتكلم أمنا، هل ستقولين لها كل شيء؟) سأل (كاسي).
-(أعتفد هذا). قالت (مارجريت)، (ولكن هل سوف تصدق؟!)
(هذا مخيف). قال (كاسي) إنه والدنا وقد عرفناه طوال عمرنا.
-(أعرف)، قالت (مارجريت)، ولكنه لم يعد كما كان.
-(ربما يشرح لنا فيما بعد. قال (كاسي) ثم أضاف: (ربما لديه أسباب قوية لما يحدث).
-(سبق وسألناه. ولكنه قال إنها مجرد تجارب ولا يوجد شيء يستطيع أن يفسره). مرت لحظة قبل أن تضيف (مارجريت): -(أطلعت (ديانا) على بعض ما يحدث)، دهش (كاسي) ولم يرد.
-(آه كنت بحاجة لأتكلم مع أحد. وكان رأيها أننا لابد أن نبلغ الشرطة).
-(أبي لم يرتكب جريمة وماذا سيفعل البوليس؟)
-(أعلم) قالت (مارجريت).. وهذا ما قلته (لديانا) ولكنها قالت إنه لابد من وجود قانون يحرم مثل هذه التجارب المجنونة!!..)
-(أبي ليس بعالم مجنون). قال (كاسي) بغضب.
مر وقت طويل وهما يحاولان إيجاد مخرج من هذا المأزق.
فجأة فتح باب المطبخ وظهر (بروير) الذي طلب منهما الدخول.
نظرت (مارجريت) إلى أخيها في دهشة وقال: (لا أصدق. لقد خرج من القبو..)
-(ربما نستطيع أن نتكلم معه). قال (كاسي).
جرى الصغيران ناحية المطبخ حيث يقف والدهما وعلى وجهه ابتسامة، وقد وضع طبقي شوربة لهما وقال:(موعد الغذاء).
-(صنعت لنا الغذاء يا أبي) قالتها (مارجريت) في دهشة. ثم قالت بجدية: (أبي لابد أن نتكلم). أجاب في هدوء.
-(ليس لدي وقت). اجلسي وجربي هذا الطبق..
أطاع الصغيران وجلسا.
ثم سألا: (ما هذايا أبي؟!!)
كان الطبقان مملؤين بمادة خضراء كأنها بطاطس خضراء.
(إنها شيء مختلف). قال دكتور (بروير) بغموض، هيا تذوقا، فسوف تدهشان تماما!!
-(أبي. أنت لم تصنع لنا غذاء من قبل، قالت (مارجريت) في محاولة لإبعاد الخوف من صوتها.
-(أردت أن تجربوها). رد د. (بروير).
-(هناك أشياء نريد أن نسألك عنها). قالت (مارجريت)..
-(لقد اتصلت أمكما هذا الصباح).
-(متى؟!) سألت (مارجريت).
-(من فترة وجيزة وكنتما بالخارج فلم تسمعا التليفون).
-(ماذا قالت؟) سأل (كاسي) وهو يحملق فيما أمامه.
-(لقد تحسنت حالة خالتكما. وقد نقلت من العناية المركزة، وأظن أن أمكما سوف تعود قريبا إلى المنزل!)
-(عظيم). قال الصغيران في نفس واحد.
-(هيا كلا!) قالها الدكتور (بروير) وهو يشير إلى الطبقين.
-(ألن تأكل معنا؟!) سأل (كاسي)
-(لا لقد أكلت!!) قال الأب.
بدأت (مارجريت) الكلام: -(أبي، الليلة السابقة...)
ولكن الدكتور (بروير) قاطعها: (يكفي كلاما وجربا الطعام الذي أمامكما).
-(ولكن ما هذا؟!) سأل (كاسي). (إن رائحته غريبة!!)
-(أظن أنك سوف تحب طعمه). قال الأب. وهو ينظر لهما وكأنه يرجوهما أن يأكلا!)
فجأة أحست (مارجريت) بالبرودة تسري في جسدها نظرت إلى أخيها.
تعجبت وأخذت تفكر في أن والدهما لم يصنع لهما غذاء من قبل.. لماذا الآن؟! ولماذا لا يقول لنا ما هذا؟
قد ظهر على (كاسي) أنه يفكر نفس التفكير.
هل يفكر الأب في أن يفعل أي شيء لنا؟ هل هذا الشيء الأخضر سوف يحدث أي تغير أو أي ضرر أو ربما تنمو أوراق الشجر على رأسينا! 
(هذا تفكير مجنون مجنون)، قالت (مارجريت)..
ولكنها أدركت أنها خائفة من هذا الطعام.
-(ماذا بكما أنتما الاثنان؟!)
صرخ فيهما الأب.. (هيا ارفعوا ملاعقكما ماذاتنتظران؟)
رفع الصغيران ملعقتيهما إلى هذه المادة الخضراء ولكنهما لم يضعاها في فميهما، لم يستطعا.
-(كلا، كلا!)
صرخ والدهما مرة أخرى.. (وماذا تنتظران؟! هيا انتهيا من غذائكما).
إنه لا يعطينا أي فرصة. هكذا فكرت (مارجريت) كانت ترتعش وهي ترفع المعلقة إلى فمها.




12

-(هيا، سوف تحبان هذه الشوربة..)
أصر دكتور (بروير). فجأة دق جرس الباب. 
-(من الطارق؟!)
سأل دكتور (بروير) وصوته مملوء بالغضب.
اتجه إلى الباب قائلا: (سوف أعود سريعا).
-(لقد أنقذنا جرس الباب، إن هذا الخليط مثير للقرف).
(إنه طعام للنباتات) قالت (مارجريت)..
-(أسرع!) قالتها (مارجريت) وهي تحمل الطبق من أمامها وتلقي بالشوربة في سلة المهملات. ثم تعيد الطبق مرة أخرى إلى الطاولة.
-(هيا لنرى من الطارق). قال (كاسي).
عندما اقتربا من الباب وجدا رجلا يحمل حقيبة سوداء في يده ويسلم على والدهما..
كان للرجل شارب بني. ويضع نظارة شمس زرقاء على عينيه. ويلبس بدلة زرقاء وربطة عنق ملونة.
-(مستر مارتينيز). قال الأب بدهشة!
-(هذا مدير والدنا السابق). قالت (مارجريت) بصوت منخفض لأخيها.
-(أعلم..) قال (كاسي).
-(لقد قلت من أسبوع أنني سوف أعود لأطمئن على كيفية سير العمل).
قال (مارتينيز) وهو يضع يده على كتف دكتور (بروير)، (فأنا دائما معجب بعملك. وأنت تعلم هذا. لم تكن فكرتي أن تترك العمل، لقد أجبرت على ذلك. ولكنني لم أفقد الأمل بك وقد وعدتك بهذا. هيا دعني أرى أي تقدم قد أحرزت في عملك!)
لم يستطع دكتور (بروير) أن يخفي ضيقه من حضور مستر (مارتينيز). لقد حاول أن يغلق باب القبو أمام الرجل. أو هكذا أحست (مارجريت) التي كانت تشاهد ما يحدث.
تقدم مستر (مارتينيز) وأمسك بمقبض الباب وفتحه وأشار إلى الصغيرين بيده. وظل يحمل حقيبته بيده الأخرى. دهش الأب عندما رأى الصغيرين أمامه. وسألهما: (هل انتهيتما من وجبة الغذاء؟!)
-(نعم وقد كانت رائعة) قال (كاسي).
جاءت الإجابة مريحة للأب. فتبع الرجل إلى القبو. وأغلق الباب خلفه بحذر.
-(ربما سوف يعيد أبي للعمل معه..) قال (كاسي) وهو يتجه ناحية المطبخ ويفتح الثلاجة ليأكل أي شيء.
-(لا تكن أحمق). قالت (مارجريت) وهي تأكل بعض السلاطة، (إذا كان أبي ينتج نباتات نصفها حيوان والآخر نبات. فسيصبح مشهورا ولن يحتاج إلى الوظيفة).
كان (كاسي) جائعا فطلب من أخته أن تصنع له سندوتشا ولكنه فجأة أحس أنه لم تعد لديه رغبة في الأكل أفقدته هذه المادة الخضراء الشهية في أن يتناول أي طعام.
سأل أخته: (لماذا طلب أبي أن نأكل هذه الشوربة الخضراء؟!!)
-(لا أعلم!) ردت (مارجريت) وهي تضع يدها على كتف أخيها.
-(أنا خائف). قال (كاسي).. ليت أمي كانت هنا.
وضعت (مارجريت) الطعام في الثلاجة ثم نظرت إلى أخيها وهي تسأل: (هل أبي يقول لنا الحقيقة؟)
-(عن ماذا؟)
-(عن أي شيء؟)
-(لا أدري!) قال (كاسي).. ثم أضاف: (هناك طريقة واحدة لنعرف..)
-(ماذا تعني!) قالت (مارجريت).
-(عند أول فرصة لا يكون فيها أبي موجودا في البيت ننزل إلى القبو ونرى بأنفسنا ماذا يحدث؟؟!)




13

حصل الصغيران على هذه الفرصة في اليوم التالي، عندما اتجه الأب ليساعد أحد الجيران في تصليح بعض الأشياء.
-(متى سوف تعود؟) سأل (كاسي).
-(لن أتأخر أكثر من ساعتين).
قال دكتور (بروير) وهو يخرج من باب المطبخ.
تابع الصغيران والدهما وهو يتجه إلى منزل السيد (هنري).
-(هذه فرصتنا ولن نحصل على فرصة أخرى. قالت (مارجريت) وهي تنظر إلى (كاسي).
-(هل تظن أننا نستطيع فالباب مغلق كالعادة!).
-(لا توجد مشكلة!)
قال (كاسي). وطلب من أخته أن تحضر دبوسا كبيرا وقال لها: (سوف أريك ماذا علمني  صديقي الأسبوع الماضي!).
أحضرت (مارجريت) الدبوس. وأعطته لـ (كاسي) الذي أخذه ووضعه داخل القفل. وفي ثوان نظر نظرة المنتصر وقد فتح الباب.
-(إذا أنت خبير في فتح الأبواب). قالت (مارجريت): (ولقد أحسنت اختيار أصدقائك).
طلب (كاسي) من أخته أن تنزل أمامه. (فليكن!) ولم تفكر كثيرا.
قالت هذا وهي تجمع شجاعتها وتنزل السلم.
وفي ثوان كان الاثنان في القبو وهما على علم بما قد يحدث لهما.
وأحسا مرة أخرى بمدى ثقل الهواء والرطوبة التي تملأ المكان.
توقفا عند حجرة النباتات كانت النباتات قد ازدادت طولا وسمكا عن آخر مرة شاهداها..
كان كل شيء يلمع. وقد ملأت النباتات الحجرة.
ذهل الصغيران بكل التغيرات التي طرأت على النباتات. فقد أصبحت كالغابة. وكل النباتات تبدو جديدة.
سمعا أصوات تنفس وأنين قادم من الدولاب الموضوع بجوار الحائط.
اهتزت شجرة فجأة. فسحبت (مارجريت) (كاسي) بعيدا وحذرته من الاقتراب.
-(أعلم. ورفع يدها من فوق كتفه. وطلب منها ألا تفعل هذا مرة أخرى، لأنه أحس برعب شديد.
-(آسفة فأنت تعلم ماذا حدث آخر مرة).
-(سوف أكون حذرا).
سمعا أصوات تنفس منتظم، هذه النباتات ليست طبيعية رجعت إلى الخلف وهي تنظر إلى الغابة.
كانت تحملق في النباتات عندما سمعت فجأة (كاسي) يصرخ (النجدة! لقد أمسكت بي، النجدة!!)



14

أسرعت (مارجريت) إلى (كاسي) الذي ظل يصرخ: (النجدة، النجدة).
اقتربت (مارجريت) بضع خطوات من (كاسي) شاهدت مخلوقا رماديا صغيرا يجري في الحجرة.
بدأت (مارجريت) تضحك.
-(ماذا؟! لماذا تضحكين؟!!)
-(إنه مجرد سنجاب صغير خائف).
بدأ (كاسي) يسترد لونه. وقال: (لقد ظننت أنها من النباتات الأخرى!)
-(أفزعتني حقا يا (كاسي)!)
توقف السنجاب على بعد بضعة خطوات منهما ووقف على رجليه الخلفيتين ونظر لهما.
-(كيف دخل السنجاب إلى هنا؟) سأل (كاسي).
-(السناجب دائما ما تدخل إلى البيت)، ثم سكتت فجأة. ونظرت إلى شباك صغير في الحائط وقالت: (هذا الشباك مفتوح). قالت لـ (كاسي)..
-(لابد وأن هذا السنجاب قد دخل من هنا!)
بدأ (كاسي) في مطاردة السنجاب داخل القبو في مطاردة مثيرة.
صرخ (كاسي) في السنجاب وهو يجري خلفه: (اخرج.. اخرج..) كان السنجاب؟! إلى النباتات الموجودة بالقبو.. وأخذ يدور حول إناء به زرع كبير وكان (كاسي) يتبعه ثم جرى سريعا واختفى خلف الصناديق وفجأة ظهر فوقها وهنا قفز من نفس الشباك الصغير الذي كان قد تسلل منه للداخل.
وتبعه (كاسي) ليتأكد أنه قد خرج بالفعل من القبو.
-(أحسنت). قالت (مارجريت)، ثم طلبت من (كاسي) أن يخرجا من القبو، لأنها أدركت أنهما لا يفهمان شيئا. ولا يعرفان من أين يبدأ البحث.
وقالت: (إنهما لا يعرفان إذا كان والدهما يقول الحقيقة أم لا).
اتجهت (مارجريت) ناحية السلم، ثم توقفت عندما صوتا غريبا وسألت (كاسي): (هل سمعت هذا الصوت؟) وبحثت عن أخيها ولكنه كان مختفيا بين أوراق الأشجار الكثيفة).
-(نعم لقد سمعت. وأظن أنه قادم من دولاب الشحن).
طلبت (مارجريت) من أخيها أن يذهب معها لبيحثا الموقف، ولكنها لم تسمع أي إجابة منه..
 ارتفع الصوت أكثر..
-(لماذا لا تجيب يا (كاسي)؟ أين أنت؟! أنت تخيفني)
وهنا سقطت ثمرة طماطم كبيرة بالقرب منها جعلتها تقفز في الهواء.
-((مارجريت) تعالي هنا. لقد عثرت على شيء).
أجاب (كاسي) بعد فترة من السكوت وصوته مملوء بالخوف.
أسرعت (مارجريت) ناحيته. كان يقف بجانب الدولاب وقد توقف الصوت.
-(ماذا هناك يا (كاسي)؟ لقد أفزعتني).
-(انظري!)
كان (كاسي) يحمل لفة كبيرة سوداء وقال: (لقد وجدتها تحت طاولة المعمل).
-(ما هذا؟!) قالت (مارجريت)
-(أظن أنها جاكت بدلة لونه أزرق وملقى بجانبه ربطة عنق ملونة.. -إنها أشياء مستر (مارتينيز). قال (كاسي)، إنها جاكتته وربطة عنقه. فتحت (مارجريت) فمها في دهشة وقالت: (هل تركها هنا؟)
-(إذا كان قد تركها هنا لماذا ألقيت تحت الطاولة هكذا؟)
-(هل رأيت مستر (مارتينيز) وهو يترك المنزل أمس؟) قال (كاسي).
-(لا). أجابت (مارجريت). (ولكن لابد وأن يكون قد رحل. لقد اختفت سيارته).
-(إنه لم يأت بسيارته. أتتذكر ما قاله. إنه لم يأت بها).
نظرت (مارجريت) إلى أخيها وقالت: (ماذا تعني؟ أتعني أن الرجل لم يترك المنزل؟ أن تكون إحدى النباتات قد أكلته.. هذا جنون!!!)
-(إذا لماذا توجد ملابسه بهذه الطريقة؟!)
لم يكن عندهما وقت للكلام. فقد سمعا صوت خطوات على السلم.
كان هناك صوت أقدام مسرعة تتجه إلى القبو. (اختفى!) قالت (مارجريت)..
-(أين؟!) سأل (كاسي) وقد امتلأت عيناه بالفزع.




15

قفزت (مارجريت) فوق الصناديق الموجودة ثم خرجت من الشباك الصغير المفتوح. وقفزت على الحشائش الخضراء، ثم ساعدت (كاسي).
أدركت (مارجريت) أنه لولا وجود السنجاب لما استطاعا هي و(كاسي) الخروج لأنه أرشدهما إلى هذا الشباك الصغير المفتوح.
كان هواء بعد الظهيرة باردا مقارنة مع هواء القبو الخانق نظر الأخوان من الشباك ليشاهدا من الذي دخل إلى القبو.
سأل (كاسي) أخته: (من هناك؟!)
ولم تكن (مارجريت) في حاجة للإجابة.
لقد كان والدهما هو الذي دخل إلى حجرة النباتات.
-(لماذا عاد أبي؟!) سأل (كاسي)!
طلبت (مارجريت) من أخيها السكوت والعودة معها إلى الباب الخلفي.
دخل الصغيران إلى المطبخ في نفس اللحظة التي دخل فيها والدهما. الذي قال: (ها أنتما!!)
قالت (مارجريت): (أهلا يا أبي).
وهي تحاول أن يكون صوتها طبيعيا.
وسألته: (لماذا عدت مبكرا؟)
قال الأب أنه أراد بعض المفاتيح.
سأل الأب (مارجريت) و(كاسي) بصوت كله شك: (وأين كنتما؟!)
(كنا في الحديقة الخلفية). ردت (مارجريت) بسرعة. (وعدنا على صوت الباب وهو يفتح).
قال دكتور (بروير): (إنكما لم تعتادا الكذب علي! فأنا أعلم أنكما نزلتما إلى القبو. فلقد تركتما الباب مفتوحا على مصراعيه).
-(لقد أردنا أن نلقي نظرة!) قال (كاسي) بصوت كله خوف.
(لقد وجدنا جاكت وربطة عنق مستر (مارتينيز))، قالت (مارجريت)
-(ماذا حدث له يا أبي؟؟!!)
بدا أن السؤال كان مفاجئا للدكتور (بروير).
-(لماذا ترك الجاكت وربطة العنق في القبو؟) سألت (مارجريت)
رد الأب بأن مستر (مارتينيز) أحس بالحر الشديد لأن درجة حرارة القبو مرتفعة ومعبق بالرطوبة. فخلع الجاكت وربطة العنق وتركهما على الطاولة. ونسي أن يأخذهما معه).
ثم قال دكتور (بروير): (إن مستر (مارتينيز) كان في حالة دهشة من التطور المذهل الذي صنعته فلابد أنه نسي أشياءه من شدة هذا التعجب! وقد طلبت مستر (مارتينيز) في التليفون وسوف أرد له أشياءه عند الانتهاء من العمل عند مستر (هنري).
رأت (مارجريت) ابتسامة على وجه (كاسي). وأحست هي الأخرى بالراحة.
لمعرفتهم أن مستر (مارتينيز) على ما يرام.
وفكرت أنه شيء بغيض إذ يشك الإنسان في أن والده من الممكن أن يؤذي أحدا.
ولكنها لا زالت تشعر بالخوف كلما رأت والدها.
-(علي أن أعود إلى مستر (هنري)).
قال دكتور (بروير) وهو يحمل المفاتيح في يده.
وتقدم قليلا لكنه توقف فجأة وقال: (لا تعودا إلى القبو مرة أخرى. فإنه قد يصبح خطيرا للغاية).
سكعت (مارجريت) الباب وهو يغلق.
وتعجبت. هل هذا تحذير أم تهديد؟؟؟




16

أمضت (مارجريت) صباح السبت مع (ديانا) في المشي وسط التلال الذهبية المحيطة ببيتهم. وكان الطقس جميلا والأزهار الملونة التي تملأ المكان جعلت (مارجريت) تحس كأنها في رحلة إلى مكان بعيد.
أخذت (مارجريت) وجبة الغداء في منزل (ديانا) ثم اتجهوا إلى منزلها.
وهما يفكران في كيفية قضاء بقية الأمسية الجميلة.
كان دكتور (بروير) يجهز السيارة عندما وصلت (ديانا) و(مارجريت).
أنزل دكتور (بروير) زجاج السيارة وهو يبتسم قائلا: (أخبار جيدة. فأنا في طريقي لإحضار أمكما من المطار).
(هذا عظيم!) قالتها (مارجريت) وهي على وشك البكاء. أعربت عن سعادتها لصديقتها (ديانا) قائلة: (إنه شيء جميل. أن تعود أمي إلى المنزل. فهي الشخص الوحيد الذي أستطيع التحدث معه. شخص يستطيع أن يشرح كل شيء عن أبي).
قرأت (مارجريت) و(ديانا) بعض الكتب. واستمعتا لبعض الأغنيات التي اشترتها (مارجريت) حديثا.
تذكرت (ديانا) فجأة أن لديها درسا في البيانو. وأنها قد تأخرت بالفعل. فقفزت خارج المنزل وركبت دراجتها وقالت (مارجريت): (أبلغي أمك تحياتي)، ثم اختفت.
وقفت (مارجريت) تنظر وتفكر. ماذا تفعل بعد أن رحلت (ديانا)!
كيف تقضي الوقت حتى تعود أمها للمنزل.
قررت أن تحضر كتابا وتجلس للقراءة تحت الشجرة الكبيرة في وسط الحديقة.
أمسكت بباب المطبخ فوجدت (كاسي) يسألها عن الطائرات الورقية التي يلعبان بها؟
أجابت بأتها لا تعرف. ثم قالت له: (إن أمنا قادمة اليوم من السفر).
(عظيم!) أجاب (كاسي) ثم أكمل: (إذا أمامي وقت كاف لألعب بالطائرة. فالجو شديد الرياح. فلماذا لا تلعبين معي؟)
وافقت (مارجريت) قائلة: (إن هذا سوف يساعد على مرور الوقت حتى تصل أمنا من المطار).
حاولت (مارجريت) أن تتذكر أين وضعا الطائرات الورقية.
(هل هي في الجراج؟)
-(لا). أجاب (كاسي). إنها في القبو على الرفوف الموجودة به.
قال: (سوف أفتح القفل وأنزل لإحضارها).
طلبت (مارجريت) من أخيها أن يكون حذرا. ثم أدركت أنها لا تريد أن تترك أخاها ينزل بمفرده في هذا القبو. فطلبت منه أن ينتظر حتى تنزل معه.
شق الصغيران طريقهما إلى سلم القبو في هذا الجو الحار، الخانق.
كانت النباتات كأنها تقترب منهما ولكن (مارجريت) تجاهلتها وركزت كل انتباهها على الرفوف الموجودة بالقبو.
كانت الرفوف عريضة ومملوءة بألعاب قديمة. وبعض أدوات الرياضة وخيمة قديمة وأغطية.
قال (كاسي): (أنا متأكد من وجودها هنا في مكان ما).
-(نعم). فأنا أتذكر أننا تركناها هنا). وأخذت تنظر بعينيها على الرفوف جلس (كاسي) على ركبتيه وأخذ يخرج الصناديق من على الرفوف. وفجأة توقف.
وقال: (مارجريت). توقفت هي الأخرى وسألت: (ماذا هناك؟)
(انظري إلى هذا). ثم جذب شيئا من خلف الرفوف ووقف وهو يمسكه.
رأت (مارجريت) أنه يحمل حذاء أسود وبنطلونا أزرق.
-(بنطلون أزرق؟) اصفر وجه (كاسي) وترك الحذاء يسقط على الأرض.
-(انظر إلى الجيوب الخلفية..) قالت (مارجريت).
التقط (كاسي) البنطلون وأخرج منه محفظة جلد سوداء.
-(أنا لا أصدق!!) قالت (مارجريت).
كانت يد (كاسي) ترتعش وهو يفتح المحفظة، أخذ منها بعض الكروت وقرأ الاسم عليها.
-(إنها ملك لمستر (مارتينيز)!!)
قال (كاسي) وهو يبتلع ريقه بصعوبة!!
رفع الولد عينيه إلى أخته وقال..
(هذه أشياء مستر (مارتينيز)!!!)



17

-(لقد أخفى والدي عنا الحقيقة).
قال (كاسي)، وهو ينظر إلى المحفظة برعب.
-(من الممكن أن يرحل مستر (مارتينيز) بدون الجاكت لكن من المستحيل أن يرحل بدون الحذاء والبنطلون).
-(لكن ماذا حدث؟!) سألت (مارجريت).
في وسط الحجرة بدأت إحدى النباتات في إصدار أصوات.
-(لقد أخفى والدي عنا الحقيقة). أعاد (كاسي).
-(ماذا سنفعل؟!..)
قالت (مارجريت).
-(لابد أن نطلع أحدا على ما يحدث هنا. لكن من؟!).
أصدرت النباتات أصواتا مرات أخرى. ثم بدأت الأصوات العالية القادمة من الدولاب في الارتفاع.
-(ما هذا يا (كاسي)؟)
سمع الصغيران دقا مستمرا، وصوت الأنين القادم من الدولاب بدا الصوت. وكأنه صوت إنسان!!
-(أظن أن أحدا داخل الدولاب).
-(ربما يكون مستر (مارتينيز))
قال (كاسي). وهو يمسك المحفظة في يده.
_(أظن من الأفضل أن نفتح الدولاب؟!) قال (كاسي).
وأصدرت إحدى النباتات صوتا كأنها تجيب.
-(نعم أظن أنه يجب أن نفعل). قالت (مارجريت).
-(ماذا لو وجدنا مستر (مارتينيز) بالداخل. هل سنتركه؟!)
اتجها إلى الدولاب وقد سمعا صوت تنفس مرتفع.
-(انظري!) قال (كاسي).
-(إنني أرى!) ردت (مارجريت).
لقد كان الدولاب مغلقا جيدا.
(هناك من هو بالداخل...) قالت (مارجريت) بدهشة: -(سوف أحضر الشاكوش).
واتجه (كاسي) إلى الطاولة وهو يحاول أن يكون بعيدا عن النباتات قدر الإمكان. وعاد بعد دقائق وهو يحمل شاكوشا.
وبعد عمل شاق استطاعا كسر القفل.
استمر الصوت الصادر من الدولاب . أحس الصغيران بالحر الشديد. ولكن الدولاب كان مازال مغلقا بالمفتاح. وظلا في المحاولة وقد استجمع كل منهما قوته في محاولة فتح الدولاب.
في النهاية استطاعا شد الباب.
نظرا برعب إلى الدولاب المظلم ثم صرخا في رعب عندما رأوا من بداخل الدولاب!!!



18

-(انظر). قالت (مارجريت) وقد وقفت بجانب الدولاب.
-(لا أصدق..) قال (كاسي) بسرعة.
كان صوته يرتعش وهو ينظر داخل الدولاب.
حملق الصغيران في النباتات الغريبة التي تملأ الدولاب!!
هل هي نباتات؟!
كانت النباتات تئن. تتنفس. تتحرك. وتميل كأنها تحاول الوصول إلى (مارجريت) و(كاسي).
-(انظري إلى هذه!) صرخ (كاسي) وهو يرجع إلى الخلف ويحملق في أخته.
(إن لها أيدي!) نظرت (مارجريت) وأدركت أن أخاها على حق.
كانت الشجرة ضخمة ولها أذرع كبيرة.
نظرت (مارجريت) حول الدولاب وهي خائفة. أدركت أن بعض النباتات تملك ملامح إنسانية أذرع خضراء. أيدي صفراء بثلاثة أصابع وساقين بدلا من الأغصان.
صرخت (مارجريت) و(كاسي) عندما شاهدا النبات الذي له وجه.
وحبة طماطم تشبه الإنسان لها أنف وفم.
شجرة أخرى تملك وجهين مستديرين تغطيهما أوراق الشجر. ويوجد بهما فتحة للفم.
-(لنهرب من هنا!)
صرخ (كاسي) وهو يجذب (مارجريت) في خوف من جانب الدولاب.
أخذت النباتات تصرخ وتئن. وهي تحاول الوصول لهما.
-(انتظر!..)
قالت (مارجريت) وهي تسحب يدها من يد (كاسي) وقد لاحظت شيئا ملقى على الأرض.
-(ما هذا؟!)
سألت (مارجريت) أخاها وهي تحاول أن تركز بصرها!!
على الأرض خلف النباتات. وبالقرب من الرفوف الموجودة على الحائط.
كانت هناك أقدام إنسانية! والأقدام لها أرجل!
-(لنهرب يا (مارجريت)). قال (كاسي).
-(لا. انظر! هناك أحد في الخلف. قالت (مارجريت).
-(إنه شخص وليس نباتا).
قالت (مارجريت) وهي تقترب.
فجأة سقطت يد خضراء بجانب (مارجريت).
-(ماذا تفعلين؟) قال (كاسي) بصوت خائف ومرتفع.
-(لابد أن أعرف من هو!)
قالت (مارجريت).
أخذت (مارجريت) نفسا عميقا، وقد تجاهلت الأنين والأزرع الخضراء التيتحاول الوصول إليها.
_(أبي!!)
صرخت (مارجريت).
كان أبوها ملقى على الأرض. ويده مربوطة وفمه مغلق بشريط بلاستيك.
كان (كاسي) يقف خلف (مارجريت) عندما نظر إلى الأرض وقد أخذته الدهشة..
حملق الأب فيهما وهو يحاول الكلام من تحت الشريط الذي يغطي فمه.
ركعت (مارجريت) على الأرض وهي تحاول أن تفك وثاقه.
-(لا... توقفي!)
صرخ (كاسي) وقد شد أخته للخلف.
_(اتركني يا (كاسي)... ماذا حدث لك؟)
صرخت (مارجريت) بغضب.
وقالت: (إنه أبي...)
-(لا. إنه ليس أبي).
قال (كاسي). وهو يمسك بكتفيها.(أبي في المطار هل نسيتي!)
كانت الباتات ما زالت تصرخ وتئن. وقد سقطت واحدة منها وخرجت من الدولاب. ظل الأب يئن وهو مقيد.
-(لابد أن أفك وثاقه!) قالت (مارجريت).
أصر (كاسي) على عدم السماح لأخته. وطلب منها أن تنظر إلى رأسه.
كانت أوراق الشجر تملأ رأسه بدلا من الشعر.
-(لقد رأينا هذا من قبل. وأنت تعرف أنها مسألة ستنتهي. وتختفي الأوراق).
ركعت لتحل وثاق أبيها.
-(لا تفعلي!!) أصر (كاسي).
-(اتفقنا). ولكن سوف أخلع الشريط من على فمه. ولن أحل وثاقه.
رفعت (مارجريت) الشريط من على فم الأب.
-(أنا سعيد أن أراكما يا طفلي العزيزين).
قال دكتور (بروير) وطلب منهما أن يحلا وثاقه.
-(كيف وصلت إلى هنا؟!)
سأل (كاسي) وهو ينظر إليه بشك.
-(لقد رأيناك وأنت ذاهب للمطار).
-(لم أكن أنا).
وقال دكتور (بروير) (أنا سجين هنا منذ فترة طويلة).
-(ولكننا رأيناك وأنت ذاهب!!)
-(لم أكن أنا، إنها إحدى النباتات).
قال دكتور (بروير): (إنها نسخة مني).
أرجوكما. فليس هناك وقت للشرح. قالها بغضب، هيا فكا وثاقي.
-(الأب الذي نعيش معه كان مجرد نبات؟!!)
قالت (مارجريت).
-(حلا وثاقي!)
شرعت (مارجريت) في فك وثاق الرجل عندما أصر (كاسي) على عدم فك الوثاق. وسأل: (كيف نضمن أنك تقول الحقيقة؟)
-(سوف أشرح. أعدكم!...)
قال دكتور (بروير).
(أسرعا. فمستر (مارتينيز) موجود هنا أيضا).
وجدت (مارجريت) الرجل مربوطا هو الآخر.
لم تحتمل (مارجريت) المزيد.
وقالت أنها سوف تفك وثاقه.
نظر الأب إليهما بامتنان.
بعد فترة استطاع الصغيران أن يحلا وثاق دكتور (بروير).
وقف الرجل في بطء. وأخذ يحرك رجليه. وقال: (هذا شعور جميل).
وابتسم لهما.
-(هل نحل وثاق مستر (مارتينيز)؟!) قال (كاسي)
ودون أن ينطق ترك الأب الصغيرين وخرج.
-(أبي، أين تذهب!...)
سألت (مارجريت)؟!!
-(لقد قلت إنك سوف تشرح هذع الأشياء الغريبة. وجرى الصغيران في محاولة الوصول إلى أبيهم.
-(سوف أشرح!) قال دكتور (بروير).
فزع الشقيقان عندما شاهدا دكتور (بروير) يحمل فأسا. اتجه الرجل  ناحيتهما وهو يحمل الفأس بكلتا يديه.
كان وجهه يدل على إصرار غريب وهو يتجه نحوهما.
-(أبي، ماذا ستفعل؟)
صرخت (مارجريت).



19

كان د. (بروير) يحمل الفأس على كتفه متجها ناحية (مارجريت) و(كاسي).
كان يبدو متعبا وهو يحمل الفأس الثقيل. وجهه أحمر. وعيناه مملؤتان بالتصميم.
-(أبي أرجوك!!) صرخت (مارجريت) وهي تشد (كاسي) إلى الخلف. في اتجاه غابة النباتات الموجودة في الحجرة.
-(ماذا تفعل يا أبي) قالت (مارجريت).
-(إنه ليس والدنا!) صرخ (كاسي). (قلت لك ألا نحل وثاقه).
-(لا إنه والدنا!) أصرت (مارجريت). فأنا أعرفه. ونظرت ناحية الرجل في انتظار أن يقول شيئا.
حملق الرجل فيهما. كان وجهه يدل على الحيرة. والفأس يلمع في يده.
-(أبي.... أجب!) قالت (مارجريت).
قبل أن يرد دكتور (بروير)...
سمعوا صوت أقدام تنزل سلم القبو مسرعة.
نظروا جميعا ناحية الباب فدخل دكتور (بروير) الغرفة.
كان يضع على رأسه الطاقية ونظر إلى الصبيين في غضب: (ماذا تفعلان هنا؟!)
قال دكتور (بروير).. (لقد وعدتم ألا تنزلا إلى القبو. لقد وصلت والدتكما..)
وهنا دخلت أمهما لكنها فجأة تجمدت في مكانها.
لقد رأت الأم الدكتور (بروير) الآخر الذي يحمل الفأس في يده.
-(لا!!..)
قالت الأم في فزع ونظرت إلى الدكتور (بروير) الذي أحضرها من المطار.
صرخ الرجل في (مارجريت) و(كاسي). وقال: (ماذا فعلتما؟ لقد أطلقتما سراحه؟!)
-(إنه والدنا!)
قالت (مارجريت) بصوت منخفض.
-(أنا والدكما).
قال دكتور (بروير الذي يلبس الطاقية.
(إنه ليس إنسانا، إنه نبات!!)
-(أنت نبات!!!)
قال دكتور (بروير) الذي يحمل الفأس.
-(إنه خطر!!)
قال دكتور (بروير) الآخر. (كان لا بد أن يبقى مقيدا).
وقع الصغيران في حيرة بين الرجلين.
من هو والدهما؟؟!!



20

(هذا ليس والدكما!)
أصر دكتور (بروير) الذي يضع. الطاقية على رأسه. إن الآخر ليس والدهما وهو يتحرك في الحجرة!!
(..إنه نسخة مقلدة، مجرد نبات، إحدى تجاربي التي فشلت. وقد وضعته في الدولاب لأنه خطر).
رد الآخر: (إنه هو النسخة!) ورفع الفأس.
وقف الشقيقان بلا حراك. وقد امتلأت أعينهما بالرعب.
-(ماذا فعلتم يا أطفال؟!)
قال الأم، وهي لا تصدق ما ترى!!
-(ماذا فعلنا؟!)
ردت (مارجريت) في صوت منخفض.
-(ماذا نفعل؟!) سأت (مارجريت). وكان كل جسمها يرتعش.
-(لابد أن ندمره).
قال دكتور (بروير) الذي يحمل الفأس.
رد الآخر بأنهم لن يخدعوا بما يقول.
-(أبي لا يتصرف بهذه الطريقة!)
قالت (مارجريت).. لقد أغبياء أنا و(كاسي) عندما أطلقنا سراحك فها أنت تحاول أن تقتل والدنا الحقيقي وأمنا. ثم تقتلنا نحن).
-(ماذا أفعل؟)
كانت (مارجريت) تسأل نفسها وهي تحاول أن تفكر بوضوح. ولكن عقلها لم يعد يفكر جيدا. فجأ’!!
هجمت (مارجريت) على دكتور (بروير) الذي يحمل الفأس.
وأخذت الفأس من يده. وكان أثقل مما تصورت.
كانت المفاجأة أسرع منه.
-(ارجع إلى الخلف!)، صرخت (مارجريت) فيه.
-((مارجريت) انتظري!!)
قالت الأم، وهي ما زالت خائفة.
تقدم دكتور (بروير) وقال (لمارجريت): (أعطني الفأس. فأنت لا تعرفين ما تفعلين).
تراجعت (مارجريت) وقالت: (ليبق الجميع في مكانه).
-(الحمد لله).
قال دكتور (بروير) الذي يلبس الطاقية. (لابد أن نضعه في الدولاب مرة أخرى. إنه خطر). وتقدم من (مارجريت) يطلب منها الفأس.
ترددت (مارجريت).
فأصر هو أن يأخذ الفأس منها.
نظرت الفتاة إلى أمها وسألتها: (ماذا أفعل؟!!)
قالت الأم بتردد: (... لا أعلم!!)
-(صغيرتي لا تفعلي!)
قال الرجل الآخر بهدوء، وهو ينظر إلى (مارجريت).
أدركت (مارجريت) أنه قال لها صغيرتي والآخر لم يقلها، هل هذا يعني أنه والدها وليس الآخر الذي يضع الطاقية؟!!
تقدم الرجل في محاولة لأخذ الفأس منها.
تراجعت الفتاة وهي ترفع الفأس. وطلبت منهما الاثنين أ، يتراجعا.
-(ابقيا كما أنتما..)
قالتها الفتاة في يأس وهي تحاول أن تفكر ماذا تفعل.
-(من منهما والدي؟!! من منهما والدي؟!!)
ظلت تنظر إلى الاثنين وقد لاحظت أنهما الاثنان يضعان رباطا على يديهما اليمنى. وهذا أعطاها فكرة!!!
-((كاسي) يوجد سكين هناك!)
قال (مارجريت) وهي ماتزال تحمل الفأس في يدها. (أحضرها لي بسرعة!)
أسرع (كاسي) إلى إحضار السكين. ولم يستغرق وقتا طويلا في البحث عنها وسط كل الأدوات الموجودة. وأسرع في العودة إلى (مارجريت).
أنزلت (مارجريت) الفأس وأخذت السكين من (كاسي).
أصر دكتور (بروير) الذي يلبس الطاقية أن يأخذ الفأس من (كاسي).
-(ماذا تفعلين يا (مارجريت) قالها الرجل الآخر وهو ينظر لها برعب.
(لقد جاءتني فكرة!) قالتها (مارجريت) وهي تتنفس بصعوبة.
تقدمت من الرجل الآخر. وغرست السكين في يده!!



21

صرخ الرجل بشدة. وقد نزفت الدماء من يده.
-(هذا هو والدنا الحقيقي!)
قالت الفتاة (لكاسي).
-(أنت مخطئة!) قال الرجل الذي يلبس الطاقية. (لقد خدعك).
هجم دكتور (بروير) الآخر. وأخذ الفأس من يد (كاسي). وبكل ما يملك من قوة ضرب دكتور (بروير) الذي يلبس الطاقية وشطره إلى نصفين.
خرج سائل أخضر ثقيل من جسمه. أدركت (مارجريت) إنه فعلا ليس إنسانا!!
فقد كان بلا عظام. فهو مثل الشجرة من الداخل.
-(صغيرتي! هل أنت بخير!) قالها دكتور (بروير) وهو يضع الفأس جانبا.
-(لقد أدركت أن والدي لا يمكن أن يكون له دماء خضراء). قالت (مارجريت).
-(هل أنت بخير). وأسرعت السيدة (بروير) ناحية زوجها.
تجمع الأربعة سويا.
(لابد أن نخرج مستر (مارتينيز) من الدولاب!) قال الأب.
عند موعد العشاء كانت الأمور قد عادت إلى طبيعتها، وتجمعوا ليحكي (كاسي) و(مارجريت) لوالدتهما ماذا حدث في غيابهما.
تم إنقاذ مستر (مارتينيز) وقد جلس هو ودكتور (بروير) ليناقشا ما حدث.
وقد عرض مستر (مارتينيز) على دكتور (بروير) أن يعاود العمل معهم مرة أخرى.
بعد رحيل مستر (مارتينيز) نزل دكتور (بروير) للقبو لمدة ساعة عاد بعدها وهو مرهق.
(لقد قضيت على معظم النباتات الموجودة. فقد كانت تعاني وسوف أقضي على بقيتها فيما بعد).
-(كل النباتات!) قالت الزوجة!
(لا ليس كلها. فهناك بعضها طبيعي سوف أزرعه في الحديقة).
بدأ دكتور (بروير) يشرح لزوجته و(مارجريت) و(كاسي) ماذا حدث قائلا: (كنت أعمل عبى إنتاج نبات سوبر به صفات جديدة. ثم جرحت يدي عن غير قصد وسقط الدم مع المزيج الذي أصنعه.
عندما أدرت الماكينة اختلط الدم مع المزيج فكانت النتيجة نبات نصفه إنسان ونصفه الآخر نبات.
-(هذا مدهش!) قال (كاسي).
-(أنا عالم!) رد دكتور (بروير). (ولهذا لم أدرك في البداية أنه خطير. كنت سعيدا بما أنجزت. فقد أنتجت نوعا جديدا من النباتات!! لم أكن أعلم إلى أي مدى سوف أصل. إلى أي مدى يكون النبات إنسانيا. كنت أرى أن نباتاتي تعيسة وتعاني. ولكنني لم أستطع التوقف. فقد كانت النتائج مدهشة.
-(إنك لم تطلعني على أي شيء من هذا!) قالت الزوجة.
-(لم أستطع أن أخبرك. فقد تماديت وأنتجت نباتا يشبهني في كل النواحي. إنه غير كامل. به بعض العيوب لكنه كان قويا بما فيه الكفاية. وذكيا ليتغلب عليّ ويضعني في الدولاب. ليأخذ مكاني ويكمل التجارب. وعندما حضر مستر (مارتينيز) على غير موعد، وضعه في الدولاب حتى يضمن أن يحافظ على سره).
-(هل كانت رأسه مملوءة بورق الشجر؟)
سأل (كاسي).
رد دكتور (بروير): (نعم. ولكن كان نسخة طبق الأصل مني).
قالت (مارجريت): (ولكن يا أبي أنت أيضا تحمل ورق شجر فوق رأسك!)
رد دكتور (بروير): (عندما قطعت يدي، اختلطت بعض المواد بدمي ودخلت إلى جسمي فتفاعلت بداخلي وسقط شعري أثناء الليل وظهرت أوراق الشجر في رأسي بدلا منه! لا تقلقوا فلقد بدأت الأوراق تسقط وسوف يعود شعري للنمو مرة أخرى).
-(أظن أن الأمور سوف تعود لطبيعتها بعد الآن). قالت الزوجة.
-(أفضل من الماضي). قال دكتور (بروير) وهو يبتسم. وأضاف: (إذا استطاع مستر (مارتينيز) أن يقنع مجلس الإدارة بعودتي للعمل سوف أغلق القبو وأحوله إلى أفضل صالة للعب. الحمد لله أننا جميعا بخير وأمان. والفضل لكما أنتما الاثنان). قال دكتور (بروير).
كان هذا أسعد عشاء بالنسبة (لمارجريت) منذ فترة طويلة.
خرجوا جميعا ليتناولوا الآيس كريم. وعادوا في العاشرة مساء.
توجه دكتور (بروير) إلى القبو.
-(أين تذهب؟!!) قالت الزوجة.
-(سوف أنزل للقضاء على بقية النباتات. وللتأكد من أن كل شيء قد انتهى على خير).
ومع نهاية الأسبوع كان دكتور (بروير) قد قضى على معظم النباتات. ونقل بعضها إلى الحديقة.
وهكذا عادت الحياة إلى إيقاعها العادي في أسرة الدكتور (بروير) الذي عاد إلى عمله واستأنف تجاربه وهو شديد الحذر حتى لا يتكرر ما حدث.
 (تمـــــــــــــــت)


لتحميل الكتاب اضغط (هنا)


مسلسل صرخة الرعب:
حلقتي القبو الغامض:
الجزء الأول:


الجزء الثاني:


الجزء الأول:

الجزء الثاني:
المصدر
اقرأ الكتب والروايات استمتع بالبرامج والمسلسلات والأفلام والكرتون اون لاين بدون تحميل ويمكنك أيضا تحميلها كما يمكنك قراءة احدث المواضيع في العالم واغربها من تكنولوجيا وأجمل التصاميم.